أزمة مياه الأردن تكشف مستور مزرعة الإماراتي: طاقم حراسة نيبالي ومدير انجليزي
توصف بالأدبيات المحلية لأهالي جنوب الأردن بأنها مزرعة الإماراتي.
الحديث طبعا عن مزرعة ضخمة جدا عصية على الفضوليين ما بين منطقة جبال رم السياحية الشهيرة ومدينة العقبة جنوبي البلاد.
وهي مزرعة ضخمة بالتأكيد لكن لا أحد من الأردنيين على الأقل يعرف ما الذي يحصل فيها أو يزرع في داخلها أو لا يزرع وإن كانت أقرب إلى منتجع سياحي وزراعي ضخم جدا وسط رمال الصحراء.
العالمون ببواطن الأمور من الذين لديهم صلة بيروقراطية أو زاروا تلك المزرعة الضخمة في قلب الصحراء الأردنية لديهم انطباعات ونسبة معلومات قليلة فهي مزرعة ممتدة وشاسعة أقيمت فيها بحيرة كبيرة ولا تشهد حضورا من الناس وتزورها شخصيات إماراتية مهمة جدا مرة واحدة في العام ويعمل فيها مئات الأشخاص.
تعلم السلطات الأردنية بأن طاقما نيباليا تحديدا يتولى حراسة تلك المزرعة.
وجودها بين الجبال والسهول الرملية مع كاميرات طبعا حديثة جدا إضافة إلى مصائد للطيور الجارحة وقطعان من الغزلان أتيح لها الحياة الآمنة والتكاثر إضافة إلى تجهيزات صيد صحراوي.
يشرف على الطاقم النيبالي للحراسة طاقم أمني إنكليزي وطبعا لا يسمح للأردنيين الدخول فقد بقيت مزرعة الإماراتي تلك مثيرة للفضول وشهية التساؤلات لكنها عنوان عريض للأخوة والعلاقات بين الأردن ودولة الإمارات وارتبطت عند افتتاحها قبل سنوات طويلة بحضور ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزوجته قبل الطلاق الأميرة هيا بنت الحسين.
عدد قليل جدا من الذين تمكنوا من زيارة الموقع تحدث عن مزرعة تربية خيول داخل حرم تلك المزرعة الضخمة وطبعا عن غزلان وأعمدة صيد ومكان مخصص لتربية الصقور وفاتورة طاقة عملاقة جدا لا تدفع لأن المزرعة حظيت برخصة خاصة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.
لا تشير سجلات جمعية التصدير الزراعي إلى منتجات يتم تصديرها من تلك المزرعة.
ويبدو أن الجار الأردني الأهم والذي أقام مزرعة كبيرة بالجوار باع تلك المزرعة الشخصية بعد إقامة هذه المزرعة النموذجية الضخمة ولأسباب مجهولة وبعد تحرش من قبل أهالي المنطقة والحديث هنا طبعا عن الملياردير الأردني السعودي الفلسطيني صبيح المصري والذي كان يملك مزرعة في الجوار لتلك المزرعة الإماراتية والتي يقال إن صاحبها الرئيسي هو الشيح محمد بن زايد شخصيا لأنه زارها وبقي فيها عندما زار العقبة قبل سنوات.
بكل حال حتى أهالي المنطقة من بدو جنوب الأردن رحبوا بتلك المزرعة الكبيرة في بداية الأمر لكن ممثليهم في البرلمان اكتشفوا بأن المزرعة لا تقوم بعمل محدد وواضح أو استثماري الطابع وله دور ينعكس على مصالح المجتمع المحلي خصوصا وأنها في منطقة بدوية الطابع ولا توجد فيها منشآت أو أماكن كثيرة مأهولة بالسكان.
بقيت مزرعة الإماراتي بكل حال موصوفة باعتبارها استثمارا شخصيا للشيخ آل مكتوم.
لكن قيل لاحقا بأن الشيخ محمد بن زايد قد يكون اشترى حصة كبيرة منها.
لكنها موصوفة بالنسبة لأهالي المنطقة من المجتمع البدوي المحلي بأنها “مزرعة الإماراتي“ ولم تسلط عليها الأضواء إطلاقا وبقيت في ظل الأحداث ويتردد بأن التنقل داخلها عبر البحيرة وفي مراكب ولا تدخلها السيارات وأن أجهزة الهاتف الخلوي لا تعمل عندما تدخل في حيز حرم تلك المزرعة.
لكن الأضواء تلاحق مزرعة الإمارات الآن ومن زاوية لم تكن متوقعة إطلاقا قوامها الاتفاقية الإماراتية المثيرة للجدل لتبادل الكهرباء مقابل الماء بين الأردن وإسرائيل فبسبب التطبيع وتلك الاتفاقية لاحق نشطاء ونواب الأردن كل صغيرة وكبيرة لها علاقة بحصص وأزمة المياه.
أثناء الملاحقة طرحت عضو البرلمان صفاء المومني سؤالا على الحكومة طلبت فيه دستوريا تزويدها بتفاصيل الآبار الجوفية داخل حرم تلك المزرعة وبكميات المياه التي تستخرج مما يصفه وزير المياه الأسبق الدكتور منذر حدادين بالمياه الجوفية في طبقات الرمل.
لم تكن النائب المومني بنية الإثارة وتقدمت بسؤال فني دستوري فقط من الصنف الذي يجبر الدستور الحكومة على تقديم جواب عليه.
هو ما حصل لاحقا فوزير المياه محمد النجار زود رئاسة مجلس النواب بالجواب الرسمي على سؤال النائب صفاء المومني فتلقفت الصحافة التفاصيل وأصبحت مزرعة الإماراتي الصحراوية الضخمة تحت الأضواء الساطعة الآن وسط بيانات وإفصاحات حكومية ورسمية إما غامضة وإما لعوب أحيانا.
في جواب الوزير النجار على المومني حديث عن مزرعة مسجلة باسم ديوان ولي عهد أبو ظبي وحديث عن تراخيص منحت لتلك المزرعة لاستخراج مياه من 6 آبار جوفية.
ثمة رقم غير واضح في كمية المياه التي استخرجت وأثار الالتباس واللغط فبعض الإعلاميين المتخصصين بتغطيات البرلمان تحدثوا عن استخراج ما قيمته 204 ملايين متر مكعب من مزرعة الإماراتي تلك ومن 5 آبار فقط ووزارة الزراعة سارعت لتصحيح الرقم وتحدثت عن خطأ في الطباعة فيما الرقم الحقيقي نحو 2 مليون و400 ألف متر مكعب من المياه.
الحديث عن كمية مياه ضخمة تستهلكها غزلان وخيول مزرعة الإماراتي الصحراوية العملاقة.
وإذا كان الرقم الأول صحيحا فالصدمة كبيرة على الأردنيين لأن كل الكمية التي تقول حكومة عمان إنها وقعت اتفاقية دبي من أجلها لا تزيد عن 200 مليون متر مكعب في العام أي أن الرقم هنا أقل من المياه التي تنفقها مزرعة الإماراتي.
تصمت وزارة المياه الآن وسط جدل يتعاظم.
لكن بعيدا عن الرقم دفعت أزمة مياه الشرب عند الأردنيين تلك المزرعة إلى مسرح الأضواء وسط طبعا غياب المعلومات الشفافة مما يسمح بنسج الحكايات والقصص.