مشروعات عُمانية تنافس سيطرة الإمارات على قطاع الخدمات اللوجستية
تتمتع سلطنة عمان بموقع جغرافي مذهل، مما يجعلها منافسا مستقبليا محتملا لهيمنة الإمارات في مجال الخدمات اللوجستية بالمنطقة.
وبحسب تقرير لموقع المونيتور (Al-monitor)، فقد تكون السلطنة مستقبلا خيارا بديلا في مجال الموانئ والخدمات اللوجستية، الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ خطوات جادة في مجال استغلال هذا الموقع الجغرافي الفريد، فإشراف البلاد على 3 مسطحات مائية مهمة للغاية هي: مدخل الخليج العربي -بعيدا عن مضيق هرمز- وبحر عُمان وبحر العرب يعطيها ميزة كبيرة في تعظيم مواردها من خلال استغلال موانئها في مجال الخدمات اللوجستية.
ويعد قطاع الخدمات اللوجستية من أفضل القطاعات الجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، ووسيلة من وسائل تنويع الاقتصاد في أي دولة، ويحتل هذا القطاع مكانة مرموقة في قائمة الاستثمار الأجنبي بالنظر إلى الفرص الكبيرة التي تعرضها الموانئ العُمانية، كما أنه يفتح المجال لدعم مجالات ذات صلة، مثل السياحة والثروة السمكية والصناعات التحويلية والتعدينية.
وتطمح سلطنة عمان لترجمة اهتمامها بالقطاع اللوجستي إلى إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي للبلاد بما قيمته 14 مليار ريال عماني (36.4 مليار دولار) بحلول عام 2040، حيث تتوقع البلاد أن تصبح مركزا عالميا للخدمات اللوجستية في عام 2040.
ويقول المدير التنفيذي لمجموعة “أسياد” اللوجستية الوطنية في سلطنة عمان عبد الرحمن الحاتمي لموقع “المونيتور” إن بلاده ترغب في تحسين مساهمتها اللوجستية في الاقتصاد بدرجة ملحوظة، مضيفا أن العمل على هذا القطاع الضخم يستهدف الجيل المقبل الذي سيستفيد مما تقوم به السلطنة حاليا في هذا المجال.
تعاون إقليمي
ويعتقد الحاتمي أن موقع سلطنة عمان يمنحها امتيازات عدة، قائلا “نحن نتحاور مع نظرائنا في دول مجلس التعاون الخليجي حول كيفية الاستفادة من هذا الوضع، وندعو تلك الدول الست إلى التعاون لتحسين الممرات اللوجستية”.
ويضيف أن موقع ميناء الدقم يسمح له بتقديم خدماته إلى قطاعات عُمانية متنوعة، مثل النفط والغاز ومصائد الأسماك والمعادن، قائلا “نحن نتكلم عن احتياطيات تصل كميتها إلى مليارات الأطنان، مما يعني إمكانية استخدام ميناء الدقم لتصدير السلع إلى دول تشهد نموا سريعا، مثل الهند والصين”.
منطقة الدقم
وتعد منطقة الدقم أكبر منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمثل نموذجا للتكامل الاقتصادي، إذ تحوي 8 مناطق اقتصادية وخدمية تتمثل في ميناء متعدد الأغراض، وحوض جاف لإصلاح السفن، وميناء للصيد، ومناطق سياحية وصناعية ولوجستية، ومدينة تعليمية، ومدينة سكنية حديثة.
ويأتي ميناء الدقم كأكبر ميناء في السلطنة، والذي يتوقع أن يجلب مزيدا من الأرباح للاقتصاد العماني ويوفر فرصا كبيرة للاستثمارات الأجنبية، مثل الخدمات اللوجستية كالنقل البري والبحري والجوي.
ويشكل الموقع الإستراتيجي لمنطقة الدقم أحد أهم العوامل التي تشجع على إنشاء منطقة اقتصادية فيها، إذ تطل المنطقة على بحر العرب، وتتميز بقربها من الأسواق الخليجية والآسيوية واحتوائها على ثروات معدنية وأراضٍ شاسعة.
وبالإضافة إلى منطقة الدقم تتمتع أيضا المنطقة الحرة في صلالة بميزة فريدة تتمثل في إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية والدول المصدرة للمواد الخام، مما يتيح الاستيراد والتصدير من وإلى كافة أنحاء العالم، فضلا عن أنها من المواقع الأكثر تنافسية من حيث التكلفة في المنطقة.
ويعد ميناء صلالة مركزا عالميا وإقليميا في قطاع إعادة الشحن، ويأتي في المرتبة الثانية عربيا بعد ميناء دبي من حيث الحجم، وفي المرتبة الأولى بالمحيط الهندي، كما يعد واحدا من أكبر موانئ المياه العميقة في العالم.
تسهيلات وحوافز
وتقدم الحكومة العمانية عدة تسهيلات وحوافز، مثل حرية التملك بنسبة 100%، والإعفاء من ضريبة الدخل، بالإضافة إلى أنه لا توجد أي قيود على الاستيراد أو تحويل رأس المال، مما يسهل التواصل مع الشركاء الدوليين والشركات التابعة.
أما المنطقة الحرة في صحار فقد تم تأسيسها بموجب مرسوم سلطاني عام 2010، وهي منطقة متعددة الإنتاج وتجتذب عددا من المستثمرين في مجال الصناعات الخفيفة والتحويلية واللوجستية، ويعد ميناء صحار وسيطا تجاريا لنقل البضائع الواردة إلى أسواق المنطقة وشحن البضائع الصادرة إلى أسواق مختلفة.
وعلى بعد 400 كيلومتر عن العاصمة العمانية مسقط تضع السلطات العمانية والسعودية اللمسات الأخيرة على افتتاح المنفذ البري الرابط بين المملكة وسلطنة عمان، حيث يمتد الطريق السريع عبر منطقة الربع الخالي، وهذا المنفذ الحدودي بين البلدين تم الاتفاق على إنشائه في عام 2006 ويسمى من الجانب العماني منفذ رملة خيلة، ومن الجانب السعودي منفذ الربع الخالي.
ويعد الطريق الآن شبه مكتمل وجارٍ العمل على إنشاء المرافق اللازمة لتقديم الخدمات لمستخدميه، وسيقلل هذا الطريق الحيوي وقت السفر بشكل كبير بين البلدين.
ويرى السعوديون والعمانيون ضرورة الإسراع بافتتاح هذا الطريق البري المباشر، لما يشكله من أهمية اقتصادية في دعم الاستثمار والعلاقة التجارية بين البلدين.