إجراءات متسارعة في أوروبا ومنظمة الصحة تسعى لتحديد خطورة المتحور الجديد
رفع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض مستوى التحذير من وباء كورونا إلى “عال جدا”، وأعلنت دول عديدة في القارة العجوز إجراءات إضافية لاحتواء العدوى المتسارعة، وخاصة بعد رصد متحور جديد في جنوب أفريقيا، وهو ما دفع دولا عدة لتحديث قوائم السفر الحمراء.
وقالت المفوضية الأوروبية، صباح اليوم الجمعة، إنها تقترح تعليق الرحلات الجوية من جنوب القارة الأفريقية، احترازا من ذلك المتحور الجديد الذي يسعى العلماء لتحديد مدى خطورته.
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين -في تغريدة على تويتر- “ستقترح المفوضية الأوروبية بالتنسيق الوثيق مع الدول الأعضاء تعليق الرحلات الجوية الآتية من منطقة جنوب القارة الأفريقية بسبب المتحور “بي 1.1.529” (B1.1.529).
وبالفعل، أعلنت إيطاليا وألمانيا اليوم إغلاق الحدود أمام القادمين من دول في جنوب القارة الأفريقية، أسوة بما أعلنته بريطانيا أمس.
وفي أعقاب تشديد الإجراءات في فرنسا وارتفاع مجموع الوفيات جراء وباء “كوفيد-19” إلى أكثر من 100 ألف وفاة في ألمانيا، تستعد هولندا وبلجيكا المجاورتان لاتخاذ قرارات يصعب على السكان قبولها أحيانا، خصوصا في هولندا.
وخلال مؤتمر صحفي مقرر مساء اليوم الجمعة، يتوقع أن يعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روته تبكير مواعيد إغلاق الحانات والمطاعم ليكون الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت غرينتش)، بدلا من الساعة 20:00 في الوقت الراهن، وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية.
وسجلت في هذا البلد -الذي لا يزال يرصد أكثر من 22 ألف إصابة جديدة يوميا- أعمال شغب، ولا سيما في روتردام ولاهاي، إثر اعتماد تدابير إغلاق جزئي مع سلسلة من القيود الصحية. وتعتزم الحكومة أيضا منع دخول غير المطعَّمين إلى أماكن محددة مثل الحانات والمطاعم.
وفي بلجيكا، أكّد رئيس الوزراء ألكسندر دو كرو أن الارتفاع في عدد الإصابات وحالات الاستشفاء المرتبطة بكوفيد “أعلى من الاتجاهات الأكثر تشاؤما” التي حددها الخبراء العلميون الأسبوع الماضي.
ودعا إلى اجتماع عاجل الجمعة لمسؤولي مقاطعات البلاد لاتخاذ قرار بشأن فرض إجراءات جديدة. وقد سجلت الإصابات اليومية في بلجيكا يوم الاثنين الماضي مستوى قياسيا منذ بدء انتشار الوباء في السنة الماضية، إذ بلغت 23 ألفا و621 حالة.
الموجة الخامسة
وباتت أوروبا مجددا البؤرة العالمية للوباء، حيث يخفض المتحور دلتا فاعلية اللقاحات في احتواء العدوى بنسبة 40%، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وأدت الجائحة لوفاة أكثر من 1.5 مليون شخص في أوروبا من أصل أكثر من 5 ملايين و160 ألف وفاة سجلت في أنحاء العالم منذ نهاية عام 2019.
وقرر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها اليوم الجمعة رفع مستوى التحذير من الوباء إلى “عال جدا”، وكان قد حذّر أمس من أن الإصابات بفيروس كورونا سترتفع في شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العدوى.
وفي ألمانيا، ارتفع معدل الإصابات اليوم إلى مستوى قياسي جديد يفوق 76 ألف حالة، وتستعد القوات الجوية الألمانية لنقل مرضى كورونا من المستشفيات المكتظة بالجنوب مع ارتفاع أعداد المصابين.
وستكون هذه أول مرة تستخدم فيها القوات الجوية طائرات مزودة بما يصل إلى 6 من أَسِرّة وحدات الرعاية المركزة، لنقل مرضى “كوفيد-19” داخل ألمانيا.
وأفادت وزارة الصحة الألمانية بأن هناك زيادة مطردة في أعداد مرضى “كوفيد-19” بوحدات العناية المركزة، وقال وزير الصحة ينس شبان إن الموجة الحالية ستنتشر في عموم البلاد.
وفي وقت سابق، وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تصاعد عدد الإصابات والوفيات بسبب الجائحة بأنه “خطير للغاية”، ودعت إلى فرض مزيد من القيود. وكذلك وصف خليفتها المحتمل أولاف شولتس الوضع بأنه “دقيق جدا”، وذلك بعدما سجلت البلاد أكبر إحصاء من الإصابات والوفيات منذ بداية الجائحة.
أما بريطانيا، فأعلنت -أمس الخميس- أنها ستمنع المسافرين من 6 دول أفريقية من دخول أراضيها بسبب نسخة متحورة جديدة من فيروس كورونا رصدتها جنوب أفريقيا، ويرجح أنها أشد عدوى من سابقاتها.
وقال وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد إن قرار الحظر سيشمل كل الرحلات الجوية الآتية من جنوب أفريقيا وناميبيا وليسوتو وإيسواتيني وزيمبابوي وبوتسوانا، وذلك اعتبارا من ظهر الجمعة، وأشار إلى أن اللقاحات قد لا تكون فعالة إزاء هذا المتحور الذي أطلق عليه اسم “بي 1.1.529” (B1.1.529).
وكانت وكالة الأمن الصحي البريطانية قالت إن المتحور الذي ظهر في جنوب أفريقيا يشكل أكبر تحد منذ بداية الوباء، وأوضحت أن هذا المتحور يملك قدرة على التحول تفوق بضعفين قدرة متحور دلتا الذي اكتشف في الهند. وأشارت إلى أنه يملك بروتينا يختلف بشكل كبير عن الموجود في فيروس كورونا الأصلي.
المتحور الجديد
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تتابع عن كثب المتحور الجديد -الذي رصدته جنوب أفريقيا أمس الخميس- وستعقد اجتماعا اليوم الجمعة لتحديد خطورته.
لكن المنظمة أوضحت أنها لا تنصح الدول في الوقت الراهن بفرض قيود على السفر بسبب النسخة الجديدة من الفيروس، في ظل غياب الفهم الواضح لمستوى انتقالها وشدة عدواها.
وقال المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندماير خلال مؤتمر صحفي دوري لوكالات الأمم المتحدة إن فهم هذه الأمور يتطلب أسابيع عدة، لكنه أكد مع ذلك أن خبراء المنظمة يجتمعون اليوم لتحديد ما إذا كان ينبغي تصنيف المتحور الجديد على أنه “مقلق” أو “تجب مراقبته”.
وقال علماء إنه لا بد من إجراء دراسات مخبرية لتقييم احتمالات أن تؤدي المتحورات الجديدة إلى انخفاض كبير في فاعلية اللقاحات.
من جهتها، قالت شركة فايزر الأميركية إنها تتوقع الحصول خلال أسبوعين على بيانات بشأن تأثير لقاحها على متحور كورونا الجديد.
وقالت جنوب أفريقيا إنها سجلت 22 إصابة بالمتحور الجديد في صفوف الشباب، كما سجلت أيضا حالات في بوتسوانا المجاورة، وكذلك في هونغ كونغ لدى شخص عائد من جنوب أفريقيا.
من ناحية أخرى، قررت السلطات المغربية الخميس تعليق الرحلات الجوية للمسافرين من فرنسا وإليها، ابتداءً من الأحد وحتى إشعار آخر.
وقالت لجنة وزارية متخصصة -في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية- إن هذا القرار جاء “لمواجهة تدهور الوضعية الوبائية ببعض بلدان الجوار الأوروبي”، بالإضافة إلى “الحفاظ على المكاسب التي راكمها المغرب في مجال تدبير جائحة كوفيد-19”.
وأشارت اللجنة إلى أن القرار كان يفترض أن يدخل حيز التنفيذ عند الساعة 22:59 بتوقيت غرينتش من ليل الجمعة، لكنها أوضحت أنه تقرر تأجيله إلى الأحد لتسهيل عملية عودة المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين في المغرب.
تطورات في الصين
وألغت الصين اليوم الجمعة مئات الرحلات الجوية وأغلقت بعض المدارس وعلقت أنشطة سياحية بعد اكتشاف إصابات بفيروس “كوفيد-19” في شنغهاي.
ويشكل هذا التطور ضغطا على الصين المضيفة لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
وقالت السلطات المحلية الخميس إن 3 أصدقاء سافروا معًا في جميع أنحاء شنغهاي الأسبوع الماضي ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا وجميعهم كانوا قد تلقوا اللقاح.
ولمنع انتقال الفيروس إلى مناطق أخرى ألغي أكثر من 500 رحلة جوية الجمعة من مطاري العاصمة الاقتصادية الصينية حسب الموقع المتخصص “فاريفلاي”.
وأوقفت بلدية شنغهاي أيضا جميع رحلات المجموعات السياحية إلى مدينة سوتشو القريبة التي زارها المصابون الثلاثة.
وتشتهر سوتشو التي يبلغ عدد سكانها نحو 13 مليون نسمة، بقنواتها وحدائقها الإمبراطورية. وقد أغلقت المدينة مواقعها السياحية وتطلب الآن اختبارا يثبت عدم إصابة الأشخاص الراغبين في الذهاب إلى منطقة أخرى.
وفي منطقة شنغهاي الكبرى فرض حجر صحي على حرم جامعي بعد رصد إصابة بين الموظفين، حسبما ذكرت الصحف الرسمية.
وأعلنت الصين الجمعة أنها سجلت 13 إصابة جديدة بـ”كوفيد-19″ على أراضيها في اليوم السابق.