تركيا تكثف حشد قواتها عقب لقاء أردوغان- بايدن
لم تمض ساعات على انتهاء لقاء الرئيسين الأمريكي جو بايدن والتركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة العشرين في روما والذي كانت التطورات في سوريا أحد أبرز الملفات على أجندته، حتى واصل الجيش التركي إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية إلى الأراضي السورية وسط تحليق متواصل للمسيرات التركية التي نفذت ضربة جوية واحدة على الأقل، في مؤشر على مواصلة التحضيرات لإطلاق عملية عسكرية جديدة ضد الوحدات الكردية في شمالي سوريا.
والأحد، التقى أردوغان وبايدن بروما في لقاء سريع كان مقرراً له أن يستمر لمدة 20 دقيقة فقط لكنه امتد لأكثر من ساعة بحسب تأكيد مصادر تركية، حيث تصدر ملف أزمة طائرات اف 35 وإمكانية حلها من خلالها بيع تركيا طائرات إف 16 محدثة، في حين كان الملف الثاني الأبرز على طاولة الزعيمان هو التطورات العسكرية والسياسية في سوريا لا سيما دعم الولايات المتحدة العسكري للوحدات الكردية ورغبة تركيا في القيام بعملية عسكرية جديدة ضدها شمالي سوريا.
وفي مؤتمر صحافي قبيل مغادرته روما، قال أردوغان إنه نقل لنظيره الأمريكي أسف بلاده “حيال الدعم الذي يتلقاه تنظيم بي كا كا/ب ي د في سوريا من الولايات المتحدة”، وأعرب أردوغان عن توقعه بأن المسار القادم المتعلق بتزويد واشنطن التنظيمات الإرهابية بسوريا بالسلاح، لن يستمر على هذا النحو، واصفاً: دعم واشنطن للإرهابيين بأنه خطوة تزعزع العلاقات التركية مع الولايات المتحدة.
وفي طريقه إلى إسطنبول، جدد أردوغان تهديده بالقيام بعملية عسكرية جديدة في سوريا، وشدد في حديث للصحافيين على أن “تركيا ستفعل ما يلزم لمكافحة تنظيم بي كا كا/ ب ي د/ ي ب ك الإرهابي”، مشيراً إلى أن تركيا مستعدة لإطلاق عملية دون تردد ضد التنظيمات خارج الحدود عندما يتوجب القيام بذلك”، وأضاف: “يجب على شريكنا في حلف شمال الأطلسي (واشنطن)، ألا يحاول القيام بمثل هذا الأمر (دعم الوحدات الكردية).
وكانت مصادر تركية تحدثت عن أن لقاء أردوغان بايدن سيكون حاسماً فيما يتعلق بتحديد موعد إطلاق العملية العسكرية المتوقعة في شمالي سوريا، لافتةً إلى أن أنقرة كانت ترغب في إجراء اللقاء في أجواء إيجابية وأن أردوغان استغل اللقاء لتقديم مبررات تركيا لإطلاق العملية الجديدة والتأكيد على أن أنقرة لا ترغب في الصدام مع الولايات المتحدة والطلب منها عدم القيام بأي إجراء يعيق سير العملية المتوقعة.
وفي ساعة متأخرة من مساء الأحد، رصد إدخال رتل عسكري كبير من تركيا نحو منطقة تل أبيض التي يسيطر عليها الجيش التركي شرقي نهر الفرات وشمالي سوريا، وهي ما تعرف بمنطقة عملية “نبع السلام” والمتوقع أن تكون نقطة انطلاق الجيش التركي في عمليته الجديدة، وتضمن الرتل العسكري دبابات وناقلات جند وعربات مصفحة، بالإضافة إلى شاحنات ذخيرة.
والاثنين، قالت وكالة أنباء النظام السوري (ناسا) إن الجيش التركي أدخل رتلاً مؤلفاً من عربات عسكرية وشاحنات ذخيرة وعتاد لوجستي إلى منطقة رأس العين بريف الحسكة، وقالت الوكالة: الرتل ضم أسلحة نوعية من بينها مدفعية ثقيلة ومضادات دروع وكميات كبيرة من الذخائر المتنوعة، إضافة إلى ناقلات الجند المتطورة التي تدخل في تسليح حلف الناتو، تم توزيعها وتفريغها في عدة مناطق في مدينة رأس العين وريفها الشمالي”. وأضافت الوكالة: “قوات الاحتلال التركي قامت على مدى الأيام الماضية بتجميع أعداد كبيرة من مرتزقتها الإرهابيين في محيط مدينة رأس العين وإلى تخوم بلدتي تل تمر وأبو راسين، وسط أنباء عن عزم النظام التركي شن عدوان على عدد من المناطق الآمنة المجاورة، بحسب تقارير إعلامية متطابقة.
وطوال الأسابيع الماضية، كثف الجيش التركي إرسال تعزيزات عسكرية إلى مناطق انتشاره المختلفة شمالي سوريا شرقي وغربي نهر الفرات، ووصلت التعزيزات إلى مناطق إدلب وعفرين وتل أبيض ورأس العين، بالإضافة إلى تعزيز قوات الجيش التركي المنتشرة على طول الشريط الحدودي جنوبي تركيا.
وإلى جانب ذلك، تحدثت مصادر مختلفة في المعارضة التركية أن قوات “الجيش الوطني” رفعت استعداداتها إلى الدرجة القصوى وأنها أتمت استعداداها للمشاركة في عملية عسكرية متوقعة ضد الوحدات الكردية، حيث عقدت اجتماعات بين قادة “الجيش الوطني” والجيش التركي في أنقرة ومناطق حدودية مع سوريا.
وبالتوازي مع ذلك، كثفت طائرات الاستطلاع التركية طلعاتها الجوية طوال الأيام الماضية فوق مناطق مختلفة من شمالي سوريا، في حين نفذت طائرات مسيرة مسلحة ضربات جوية مختلفة كان آخرها الاثنين، اتجاه مقرات وعناصر قيادية في الوحدات الكردية اعتبرت بمثابة تحركات تمهيدية لإطلاق عملية.
في المقابل، قال تلفزيون سوريا إن الوحدات الكردية نقلت ليل الأحد – الاثنين نقلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة تل تمر وريفها شمالي الحسكة، موضحاً أن “التعزيزات شملت عشرات المقاتلين وأسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة بينها مدافع وراجمات وهاون، إضافةً لكميات كبيرة من الذخيرة”، لافتةً إلى أن هذه الوحدة تضم “قوات خاصة مدربة أمريكياً. كما أرسلت قوات النظام السوري تعزيزات عسكرية وصلت إلى منطقة “العالية” شمالي الحسكة، كانت قادمة من “اللواء 93″ شمالي الرقة و”الفرقة 17” المدعومة روسياً.
ولا يعرف حجم وتوقيت العملية المتوقعة، لكن تركيا أطلقت تهديدات ضد مناطق مختلفة أبرزها تل رفعت التي تعتبرها المصدر الأول للهجمات على قواتها في سوريا، وعين العرب/كوباني التي تقول إن الصواريخ تنطلق منها لاستهداف الأراضي التركية، بالإضافة إلى منطقة عين عيسى التي يتسلل منها عناصر الوحدات الكردية نحو منطقة “نبع السلام”، بالإضافة إلى منبج التي تهدد تركيا منذ سنوات بطرد الوحدات الكردية منها.
لكن إطلاق العملية يحمل مخاطر الصدام مع النظام السوري الذي زاد تواجده في مناطق الوحدات الكردية التي عززت تواجد قوات النظام في المناطق المهددة من قبل تركيا، إلى جانب خطر التصعيد العسكري مع روسيا التي ما زالت تبدي معارضة لأي توسع تركي في سوريا، إلى جانب تعمق الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي جميعها تعقيدات عسكرية وسياسية يمكن أن تؤثر على مبدأ وتوقيت إطلاق العملية المتوقعة.