تكشف قضية فساد كبيرة بجامعة القاهرة.. 5 مليارات
ملف كامل بالفساد ومخالفات وقضايا تخص مشروع إسكان أعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة القاهرة المصرية، في مدينة 6 أكتوبر، وعمليات نصب واحتيال تعرض لها مشترون في المشروع، ومخالفات مالية وإدارية شابت المشروع تعرض لها البعض الآخر، والتي تقدر قيمتها بنحو 5 مليارات جنيه، وصدور أحكام قضائية رسمية من محاكم مختصة ضد مسؤولين بالجامعة ولم تنفذ.
الملف يشير إلى أن المشروع بدأ الحجز فيه فعليا في 22 كانون الثاني/ يناير 2013 بعد أن وافقت هيئة المجتمعات العمرانية على إنشاء شقق سكنية على مساحة مخصصة للإسكان بالكامل وتبلغ مساحتها 175 فدان، وتم إبرام العقد بين جامعة القاهرة وجهاز مدينة 6 أكتوبر وتحدد الغرض المذكور من استخدام الأرض.
قامت جامعة القاهرة بعد ذلك بالإعلان عن الوحدات السكنية لراغبي الحجز من أعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة القاهرة، وتم الحجز بناء على المساحة المختارة وبعد الاطلاع على شروط الحجز بما فيها سعر الوحدة وطريقة السداد.
وتضمنت شروط الحجز أن يكون استغلالها لصالح ملاك الوحدات للمساهمة فى تخفيض تكلفة الوحدات السكنية. وأن يتم تمويل المشروع بالكامل من أموال الحاجزين المستفيدين من المشروع، ولم تساهم جامعة القاهرة بأي تمويل، أي إن المشروع بالكامل هو ملكية خاصة للمساهمين فيه من ملاك الوحدات السكنية ولا يندرج تحت الملكية العامة لجامعة القاهرة، ودور إدارة الجامعة ولجنة الإسكان التابعة لها هو الإشراف على تنفيذ المشروع والإجراءات الإدارية المنظمة لاستكماله.
كما أن الهيئات التابعة لجامعة القاهرة التي قدمت خدمات للمشروع تتقاضى أجرها عما يتم تقديمه للمشروع، ومنها مكتب الاستشارات الهندسية بكلية الهندسية، والمكتب العلمي للحاسبات بكلية الهندسة، ومركز الدراسات المحاسبية والتسويق بكلية التجارة، بالإضافة لتشكيل جهاز إداري ومدير تنفيذي للمشروع، وجميعها تتقاضى أجرا عن الخدمات المقدمة للمشروع.
والمشروع يتضمن نحو 5 آلاف وحدة سكنية بما يعنى خدمة لحوالي 5 آلاف أسرة من أعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة القاهرة، وكان مقررا تسليم الوحدات السكنية في عام 2016، إلا أنه حتى الآن هناك تأخير في التسليم امتد حتى وقتنا هذا، دون أي تعويضات عن التأخير علما بأن لجنة الإسكان تفرض غرامات في حالة التأخر عن سداد الأقساط المستحقة.
المفاجأة التي كشفها الملف أن الأمر لم يتوقف عند التأخر في التسليم، بل تبين أن هناك مخالفات شابت المشروع تمثلت في عدم وجود رقابة وإشراف على الإنفاق، بخلاف تعرض الحاجزين لأزمات عديدة، فمنهم من ضاعت أمواله، وهناك من تم بيع شقته أكثر من مرة، وهناك من تم طلب أموال إضافية منه في مخالفة صريحة للتعاقد وهي أموال غير منصوص عليها في العقود.
وتبين أن إدارة الجامعة ولجنة الإسكان رفضت تسليم ملاك الوحدات عقود التمليك الخاصة بهم وإعلان القوائم المالية والميزانيات الخاصة بالمشروع لتوضيح كافة المصروفات والموارد للمشروع بشكل علني لكل الملاك، بل ورفضت وجود ممثلين عن الملاك للتواجد في اجتماعات لجنة الإسكان لمناقشة أزمات المشروع.
وتفاجأ الملاك بصدور قرارات بتحديد مبالغ مالية كبيرة نظير الاستلام، وأموال لم يكن منصوصا عليها في العقود ومخالفة لشروط الحجز، إضافة لإصرار إدارة المشروع على عدم الإعلان عن أي بيانات وقوائم مالية وميزانيات توضح العجز المالي الذي ذكرته لجنة الإسكان.
وتبين أن إدارة الجامعة قامت بضم الـمشروع بالكامل للمنطقة الاستثمارية لجامعة القاهرة، وكونت جمعية بالشؤون الاجتماعية لإدارة المشروع، وفي ذات الوقت تدعي لجنة الإسكان عدم أحقية ملاك الوحدات في الاستفادة من مناطق الخدمات بالمشروع، علما بأن الجامعة ليست مالكة للمشروع ولم تساهم بأي دعم مالي له، وكذلك فإن شروط الحجز تضمنت أن تستغل مناطق الخدمات لصالح الملاك لخفض التكلفة للوحدات السكنية.
وكشف الملف والبلاغات والمذكرات المقدمة والتي يجري التحقيق فيها حاليا، أن لجنة الإسكان قامت ببيع 5 صيدليات في المشروع بسعر متدن ودون اتباع الإجراءات القانونية.
وكشف قيام إدارة الجامعة بضم مناطق الخدمات لاستغلاها تحت مسمى (منطقة استثمارية أو جمعية بالشؤون الاجتماعية)، وهو تصرف يمثل اعتداء على حق ملاك المشروع فى ملكيتهم الخاصة واعتداء على حق مواطنين -هم منتسبون للجامعة- في الحصول على سكن بسعر مناسب، خاصة أن المشروع بكامله مخصص من الدولة بغرض دعم متوسطي الدخل في الحصول على السكن المناسب.
وتمثلت المخالفات أيضا في قيام الجامعة بتكوين جمعية أهلية لإدارة مشروع لا تملكه، وهو ما يعد تغولا على حقوق الملاك القانوني في تكوين اتحاد للشاغلين طبقا للقانون.
أحد الضحايا ويدعى “م. ق”، والذي قال إنه قام بشراء شقة بمشروع إسكان جامعة القاهرة في آذار/ مارس عام 2014 عبر مديرة بالإدارة الهندسية بالجامعة تدعى “س. ب” وذلك مقابل مبلغ مالي قدره 650 ألف جنيه، بواسطة محام بالجامعة يدعى “م. أ” يعمل بالشؤون القانونية بالجامعة.
وأضاف أنه حرر توكيلا للمحامي ودفع المبلغ المطلوب وسافر ثقة في المحامي والعقود والتوكيلات، إلا أنه فوجئ في شهر أيلول/ سبتمبر عام 2018 لدى عودته في زيارة من الخارج باستيلاء من باع له الشقة، وآخرين من العاملين بالجامعة، على الأموال بل وقاموا بإعادة بيع الشقة، وفوجئ أن الجامعة عرضت عليه إعادة شراء نفس الشقة الآن بمبلغ قدره 3 ملايين جنيه، بدلا من رد الحقوق إليه.
وتابع بأنه ذهب لرئيس الجامعة وقدم له حافظة مستندات وعقود توكيلات تثبت ملكيته للشقة، فلم يفعل شيئا، وقال له إن موقف الجامعة قانوني، وأنه “اضحك عليك”.
وأكد”م. ق” أنه حرر محضرا بقسم شرطة الدقي، وحصل على أحكام بالحبس ضد من اشترى منهم الشقة من العاملين والموظفين والمسؤولين في جامعة القاهرة، بأحكام وصلت حتى السجن 3 سنوات، ولم يتم تنفيذ الأحكام حتى الآن، وهو ما يشير إلى وجود تشكيل عصابي داخل جامعة القاهرة يستولي على شقق المواطنين ويعيد بيعها أكثر من مرة تحت سمع وبصر المسؤولين بالجامعة وعلى رأسهم رئيس الجامعة الذي أخطر بالأمر، ولم يتخذ خطوات جدية في الأمر.
وفي سياق متصل، أكد المحامي رأفت شكيب، بصفته وكيلا عن أكثر من 100 من ضحايا المشروع، أن جامعة القاهرة أعلنت عن المشروع والوحدات السكنية بأسعار محددة وبمواصفات محددة لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة.
وأضاف أنه كان من المفترض تسليم الوحدات في عام 2016 ومنذ وقتها وحتى الآن لم يتم تسليم الوحدات السكنية بالمخالفة للعقود، كما أن المشروع أصبح بدون “مرافق” رغم أن الإعلانات والعقود الخاصة بالوحدات نصت أنها بالمرافق والخدمات، وهو ما لم يحدث.
وتابع محامي الضحايا بأن الجامعة رفضت رد أموال حاجزي الوحدات السكنية أو تسليمهم الشقق أو دفع غرامات تأخير التسليم أو حتى تحديد موعد جدي ملزم بتسليم الوحدات لهم طوال 5 سنوات كاملة، ما دفع الضحايا إلى اللجوء لساحات المحاكم بمئات القضايا لاسترداد حقهم من الجامعة.