الهروب من المركب الغارق في سوريا.. آلاف رجال الأعمال يغادرون البلاد
تشهد مناطق سيطرة نظام الأسد هجرة غير مسبوقة لأصحاب رؤوس الأموال من الصناعيين والتجار، استمرارا في نزيف الاقتصاد السوري الذي يواجه أزمة حادة على وقع الحرب وانهيار الليرة.
فقبل أقل من شهر غادر 47 ألف صناعي مناطق سيطرة نظام الأسد في مدينتي حلب ودمشق -بحسب عضو اتحاد غرف الصناعة في سوريا مجد ششمان- في الوقت الذي يستمر النظام في سياسة التضييق والحل الأمني.
ووفق ششمان، فإن تدهور وصول الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات وعوامل أخرى، أسهمت بأعباء كبيرة وأثرت في تنافسية المنتج السوري خارجيا، ودفعت إلى هجرة الصناعيين، مشيرا إلى أن أصحاب المشاريع ورؤوس الأموال فقدوا الأمل من انتظار تحسن الأوضاع، لذا بدأ بعضهم يفكر بالمغادرة.
الخسارة أو الهروب
وعلى عكس ما تأمل الصناعيون والتجار بتقديم حكومة النظام التسهيلات لإنعاش الاقتصاد وتحريك السوق، فإن القرارات التي صدرت مؤخرا كانت لها تداعيات على الصناعيين، ولا سيما القرارين 1070 و1701 اللذين أثرا بشكل سلبي على حركة الاستيراد والتصدير.
وقال صناعي من مدينة حلب رفض الكشف عن اسمه إن القوانين الصادرة عن مصرف سوريا المركزي تسببت بوقف عملية الاستيراد والتصدير وتوقف البضائع على الحدود، لعدم وضوح هذه القرارات حتى اللحظة لمعظم التجار والصناعيين.
وأضاف: أن القرار 1071 الصادر عن مصرف سوريا المركزي يسمح بالتحكم في التجار ويجبرهم على بيع 50% من قيمة البضاعة المصدرة للخارج إلى المصرف بالقطع الأجنبي، وفق السعر الذي يحدده مصرف سوريا المركزي الذي يكون أدنى بكثير من سعر السوق السوداء.
ووصف الصناعي الظروف والقرارات الأخيرة بأنها تضع التاجر أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يتعرض للخسارة أو الهروب من سوريا بحثا عن فرص استثمارية في دول مثل مصر أو تركيا.
الحل الأمني
ومع هجرة الصناعيين واستمرار مغادرتهم مناطق سيطرة نظام الأسد لم يجد النظام سوى الحل الأمني لمنع استمرار هروب رؤوس الأموال من مناطق سيطرته بعد يأسه من تحسين الظروف الاقتصادية.
وفي مدينة حلب التي توصف بأنها عاصمة سوريا الاقتصادية قالت المصادر إن أكثر من 20 صناعيا وتاجرا تم اعتقالهم من مخابرات النظام السوري منذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، بعد إغلاق منشآتهم ومحاولتهم السفر إلى مصر وتركيا.
وتشير المصادر إلى عدد من عمليات الاعتقال تمت في مطار حلب الدولي الذي يشهد حركة نشطة للمسافرين من المدينة نحو مصر ولبنان، قبل أن تقوم سلطات النظام بالحجز الاحتياطي على أموال التجار الذين حاولوا الهرب.
خسائر وتهريب
وقدرت “نقابة عمال المصارف” في العاصمة دمشق خسائر الاقتصاد السوري منذ بداية ما سمتها الحرب في سوريا عام 2011 وحتى الآن بأكثر من 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.
وقال التقرير الذي صدر في فبراير/شباط الماضي إن نسبة دمار البنية التحتية تجاوزت 40% وشملت خسائر المساكن وشبكات الكهرباء والمدارس والمستشفيات ومرافق الخدمات، وتراجع إنتاج النفط الخام من 400 ألف برميل يوميا إلى أقل من 30 ألفا.
ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي السوري يونس الكريم، أن خروج الصناعيين من سوريا سوف يخلف فجوة مع غيابهم عن الساحة السورية، وبالتالي سوف يقود الأمر إلى فتح باب التهريب على يد موالين للنظام.
وقال الكريم، إن الاقتصاد السوري أمام أزمة جديدة، حيث يقوم النظام السوري ببناء دولته الموازية على أنقاض الدولة السورية، بحيث يضيق على الاقتصاد الحقيقي لصالح اقتصاد الظل.