تعاون مصر الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي يخنق الفلسطينيين
تواصل السلطات المصرية التي تدير معبر رفح البري مع قطاع غزة المحاصر منذ 15 عاما، سياستها بإرجاع العديد من المسافرين من سكان القطاع دون إبداء أي سبب لذلك، رغم حاجتهم الإنسانية الكبيرة لذلك.
سؤال حير الكثيرين
ومن بين الحالات المواطن الفلسطيني “ش”، الذي تستمر معاناته منذ سنوات عدة، بسبب عدم سماح السلطات المصرية له بالسفر عبر معبر رفح البري لتلقي العلاج، وإرجاعه أكثر من مرة.
“ش” ومثله الكثير جدا من سكان القطاع، يحتاج منذ سنوات للسفر للبحث عن علاج مناسب لمشكلة صحية تسببت له بمعاناة كبيرة في حياته الأسرية، عجز الأطباء في غزة عن حلها، وهو يعلق آمالا كبيرة على حل مشكلته الصحية عبر العلاج في أحد المستشفيات الخارجية المختصة، لكن دون حل في الأفق.
وتشير المعلومات إلى وجود “تعاون أمني وثيق” بين السلطات المصرية التي تشرف على عمل معبر رفح البري وبين أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي، التي يرجح أنها زودت القاهرة بقائمة أسماء فلسطينيين لا يسمح لهم بالسفر بـ”تعليمات إسرائيلية”، رغم أن المعبر يقع فعليا تحت إدارة مصرية كاملة.
ويكاد لا يمر يوم عمل لمعبر رفح البري، إلا بوجود العديد من المسافرين المرجعين من قبل الجانب المصري على معبر رفح، دون إبداء أي أسباب لذلك.
وكعينة من أجل الدلالة على ما سبق، نشرت الهيئة العامة للمعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة إحصائية لها أوضحت فيها، أنه خلال عمل المعبر في الفترة ما بين 19- 23 أيلول/سبتمبر 2021، “غادر القطاع 2647 مسافرا، ووصل 1285 عائدا، في حين أرجعت السلطات المصرية 111 مسافرا”.
وعن حقيقة وجود قائمة إسرائيلية بأسماء من لا يسمح لهم بالسفر عبر معبر رفح من قبل مصر، قال مصدر فلسطيني: هذا غير مؤكد، لكننا لا نستبعد ذلك، منوها إلى أن أي أشياء لا يسمح الاحتلال بدخولها عبر المعابر التي يسيطر عليها مع قطاع غزة، لا تسمح مصر بدخولها أيضا عبر معبر رفح.
وكشف مصدر فلسطيني، أن مصر مؤخرا تدقق بشكل كبير جدا على تفتيش الشاحنات التي تدخل القطاع من معبر رفح (تنقل الوقود والأسمنت وغيرها من المنتجات)، إضافة لتغيير السائقين كل فترة زمنية.
تنسيق أمني متبادل
وفي قراءته لهذا الواقع، نبه الكاتب والمحلل السياسي والأمني العميد مصباح أبو كرش، أن “التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي، موجود بين كل الدول التي وقعت اتفاق “سلام” مع “الاحتلال، وبمجرد التوقيع على هذا النوع من اتفاقيات التطبيع، يصبح ما يسمى بالتنسيق الأمني أمرا واجبا الالتزام به من طرفي الاتفاق”.
وأضاف: ليس خافيا أن مصر لديها اتفاق سياسي من هذا النوع مع العدو الإسرائيلي، وبالتالي، هي التزمت بالقيام بدورها الأمني الذي ورد كأحد أبرز بنود هذا الاتفاق السياسي وركائزه.
ونبه أبو كرش، بأن “مسألة ربط تأثير ذلك بما يحدث مع المسافرين من وإلى قطاع غزة عبر معبر رفح، واردة جدا وخاصة أننا نتحدث عن قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، التي هي بلغة السياسة الدولية حركة غير معترف بها، وذلك لعدة أسباب أبرزها عدم اعتراف هذه الحركة الفلسطينية الوطنية بالاحتلال ومقاومتها الصريحة له بكافة الأشكال والسبل؛ وهو الأمر الذي يمنح مساحة للتعامل مع قطاع غزة وسكانها معاملة أمنية تلتزم بها مصر”.
وأعرب الكاتب عن أسفه الشديد لأن معاملة مصر الأمنية مع سكان القطاع، تحدث بالتنسيق مع هذا العدو، لذلك، من غير المستبعد تماما أن تكون أحد أبرز أسباب المعاناة الكبيرة التي تحدث عند استخدام البوابة المصرية، هو ذلك الساتر الأمني غير الإنساني المستخدم بشكل عام في التعامل مع قطاع غزة وواقعها المقاوم.
وأكد المختص الأمني، أن الضحية الأكبر لهذا التنسيق الأمني بين الاحتلال ومصر وغيرها من الدول العربية، هو الإنسان الفلسطيني الذي يجد نفسه يعيش أصعب أشكال المعاناة بسبب أشقاء له، من المفترض أنه يقع على عاتقهم واجب مساندته ودعمه بشتى السبل من أجل التخفيف من معاناته كإنسان يعيش تحت الاحتلال، لكن الفلسطينيين وخاصة من سكان القطاع، يجدون أنفسهم ضحية للالتزامات الأمنية التي التزم بها أشقاء عرب بكل أسف مع أعداء أمتنا الإسلامية والعربية.