انتهاكات جنسية لـ330 ألف طفل فرنسي في مؤسسات الكنيسة الكاثوليكية منذ 1950
تعرض أكثر من 216 ألف طفل لانتهاكات أو اعتداءات جنسية ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا بين 1950 و2020 على ما خلصت إليه لجنة تحقيق مستقلة نشرت نتائجها الثلاثاء.
وأوضح رئيس لجنة التحقيق جان-مارك سوفيه لدى عرضه التقرير أمام الصحافيين أن هذا العدد يصل إلى “330 ألفا إذا ما أضفنا المعتدين العلمانيين العاملين في مؤسسات الكنيسة الكاثوليكية” من معلمين في مدارس كاثوليكية وعاملين في منظمات للشبيبة وغيرهم.
وكشف تقرير اللجنة أن أعمار الضحايا من الأطفال تتراوح بين 8 و13 سنة.
وقال سوفيه خلال عرض على الإنترنت للتقرير اليوم الثلاثاء إن الانتهاكات كانت ممنهجة، مضيفا أن الكنيسة أبدت “لا مبالاة عميقة وتامة بل وقاسية طيلة سنوات” وفضّلت حماية نفسها على حماية الضحايا.
ومضى قائلا إن الكنيسة لم تكتف بعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الانتهاكات بل وغضت الطرف عنها بتقاعسها عن الإبلاغ، وفي بعض الأحيان تركت الأطفال في معيّة المنتهكين وهي على علم.
وشكّل اللجنة أساقفة كاثوليك في فرنسا في نهاية عام 2018 لإلقاء الضوء على الانتهاكات واستعادة ثقة الناس في وقت تتضاءل فيه أعداد الحضور في الكنائس.
وقال سوفيه إن المشكلة لا تزال قائمة. وأضاف أن الكنيسة أظهرت عدم اكتراث تام بالضحايا حتى القرن الحادي والعشرين، ولم تبدأ في تغيير موقفها حقا إلا في عام 2015-2016.
أعربت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية الثلاثاء عن شعورها بـ”العار والهول” بعد صدور التقرير الذي خلص إلى أن الانتهاكات الجنسية على الأطفال ظاهرة منتشرة في الكنيسة، طالبة “الصفح” من الضحايا.
وقال رئيس مجمع أساقفة فرنسا المنسنيور إريك دو مولان بوفور، أود في هذا اليوم أن أطلب منكم الصفح، أطلب الصفح من كل واحد وواحدة.
وقبل سنوات شهد الرأي العام الفرنسي حالة سخط واسعة، جراء الكشف عن نقل توظيف الرهبان، ثبت تورطهم بالتحرش الجنسي بالأطفال إلى أفريقيا، بدلا من عزلهم ومحاسبتهم أمام القانون.
والكشف عن الانتهاكات في فرنسا هو أحدث هزة تعصف بالكنيسة الكاثوليكية بعد سلسلة فضائح مماثلة حول العالم خلال السنوات العشرين الماضية.
وتعاني الكنيسة الكاثوليكية منذ عقود من اتهامات مشابهة بحق عشرات آلاف الأطفال، في مناطق واسعة من العالم، بدءاً من تشيلي في القارة اللاتينية الجنوبية، وحتى أستراليا في أقصى الشرق.
وعبر الفاتيكان عن شعوره بـ”الخجل والأسف”، كلما تفجرت فضيحة. وكان السفير السابق للفاتيكان في واشنطن، وكبير الأساقفة، كارلو ماريا فيغانو، قد دعا البابا فرانسيس للاستقالة جراء تستره على حالات التحرش الجنسي بالأطفال ضمن حدود الكنائس، ما أدى إلى أخذ العالم الكاثوليكي لهذه النوع من التهم على محمل الجد.
ونشرت منظمة الأمم المتحدة، عام 2014، تقريرا حول حالات التحرش الجنسي بالأطفال في الكنيسة الكاثوليكية.
وجاء في التقرير، أن الفاتيكان يقوم بالتستر على قضايا التحرش الجنسي في الكنائس الكاثوليكية في الكثير من الدول حول العالم.
وحسب دراسة أجراها معهد جون جاي التابع لمؤتمر كبراء الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، عام 2004، فقد تعرض 10 آلاف و667 طفلا للتحرش الجنسي من قِبل أكثر من 4 آلاف راهب كاثوليكي، ما بين عام (1950-2002).
وفي عام 2002، دوّت فضيحة تحرش كبرى في مدينة بوسطن، حين تم الإعلان عن قيام الراهب السابق جون غيوغهان بارتكاب جريمة التحرش الجنسي بحق أكثر من 130 طفلا، ما بين عامي (1962-1995).
وحظي كاردينال المنطقة برنارد لاو بانتقادات لاذعة حينها لتستره على الراهب.
ومن جهة أخرى، تم إنتاج فيلم حول الحادثة تحت اسم بقعة ضوء.
إيرلندا
حسب تقرير صادر في البلاد ذات الأغلبية الكاثوليكية، عام 2009، فقد تستر 4 من كبار الأساقفة عن حالات تحرش جنسي بالأطفال، ما بين عامي (1975-2004).
وبالرغم من تقدم الأساقفة الأربعة باستقالاتهم للبابا على خلفية الحادثة، إلا أن البابا لم يوافق إلا على طلبات 2 منهم حينها.
وفي تقرير ثانٍ صدر عام 2010، تم الإعلان عن حالات استغلال جنسي وعاطفي بحق الأطفال، على مر 60 عاماً، في عدد من المؤسسات التابعة للكنيسة الكاثوليكية.
ألمانيا
حكمت المحكمة عام 2010، بالسجن لمدة 7 سنوات، بحق راهب في مدينة فريتزلار التابعة لولاية هيسن، على خلفية اعترافه بالتحرش الجنسي بحق 6 أطفال في الكنيسة.
كما اتضح عام 2010 أيضا، قيام معلم كاثوليكي في معهد كانيسوس بمدينة برلين، بالاعتداء الجنسي لسنوات طويلة على الطلاب الذكور.
وفي 2016، تم التأكد من قيام القساوسة والمعلمين في جوقة “ريغينسبورغر دومسباتزين” التابعة لواحدة من أشهر الكنائس الكاثوليكية بالبلاد، بالتحرش الجنسي وارتكاب العنف بحق الطلاب.
وقال المحامي المكلف بالقضية، أولريش ويبر، إن ما لا يقل 231 طفلا تعرضوا للاعتداء الجنسي والعنف ما بين عامي (1953-1992).
وحسب تقرير آخر أعده ويبر، عام 2017، فقد تعرض حوالي 547 طفلا للتحرش والعنف ما بين عامي (1945-1990).
هولندا
أسست إحدى الكنائس في هولندا، عام 2010، لجنة لتقصي حالات التحرش الجنسي بالأطفال، في الكنائس بالبلاد.
وحسب التقرير الذي أصدرته اللجنة، العام الماضي، فقد أعلنت اللجنة تلقيها خلال 8 سنوات حوالي 3 آلاف و712 بلاغا حول قضايا تحرش جنسي.
وعقب صدور التقرير، تقدم نحو ألف و599 شخصا بشكاوى في نفس الصدد، تم على إثرها دفع تعويضات مالية لـ941 شخصا.
واعتبارا من عام 2010، تم إقالة 12 قسيسا، وتعليق مهام قسيسين آخرين، نتيجة اتهامهم بالتحرش الجنسي.
وبلغ مجموع التعويضات التي دفعتها الكنائس للضحايا في عموم البلاد حوالي 28 مليون يورو.
تشيلي
فُتحت دعاوى قضائية بحق 158 موظفا في الكنائس، لتورطهم في قضايا تحرش جنسي.
وطالت الدعاوى الكثير من الأساقفة، ورجال الدين، والموظفين في الكنائس، إذ تشير المعلومات إلى أن حالات التحرش ترجع حتى العام 1960.
ووفق تقرير التحقيقات، فقد تعرض 266 شخصا، بينهم 178 طفلا، لعمليات استغلال جنسي.
وكان البابا فرانسيس التقى خلال مايو/ أيار الماضي، بـ 34 أسقفا، للتباحث في ملف التحرش الجنسي، حيث استمرت اللقاءات 3 أيام، وتقدم الأساقفة بنتيجتها باستقالاتهم بشكل جماعي.
أستراليا
تأسست لجنة ملكية لتقصي حالات التحرش الجنسي، عام 2012، حيث أصدرت تقريرها عام 2017، وجاء فيه أن عشرات الآلاف من الأطفال في الكنائس والمدارس والمؤسسات الحكومية، تعرضوا للتحرش.
وأعلنت اللجنة عن مقابلتها أكثر من 8 آلاف ضحية، فضلا عن تلقيها اتصالات من 42 ألف شخص، خلال السنوات الخمس.