الإمارات تجمّل صورتها بمعرض إكسبو دبي في حين تقمع منتقديها
انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية استخدام سلطات الإمارات معرض “إكسبو 2020 دبي” للترويج “لصورة عامة من الانفتاح تتنافى مع جهود الحكومة لمنع التدقيق في انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان”.
وقال مايكل بَيْج نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش “اعتُقل العشرات من المنتقدين المحليين السلميين في الإمارات، وتعرضوا لمحاكمات جائرة بشكل صارخ، وحُكم عليهم بالسجن لسنوات عديدة لمجرد محاولتهم التعبير عن آرائهم بشأن الحكم وحقوق الإنسان. إكسبو 2020 هو فرصة أخرى للإمارات لتقدم نفسها إلى العالم على أنها منفتحة ومتسامحة وتحترم الحقوق، بينما تغلق مجال السياسة والخطاب العام والنشاط الحقوقي في الداخل”.
وتابعت رايتس ووتش القول إن الهدف من هذه الفعالية، كما هي الحال مع غيرها من الفعاليات الترفيهية والثقافية والرياضية والتعليمية المكلفة جدا، هو تعزيز صورة العلاقات العامة للإمارات كدولة منفتحة وتقدمية ومتسامحة، في حين تمنع سلطاتها المسيئة بقوة جميع الانتقادات والمعارضة السلمية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حثّ البرلمان الأوروبي الدول على عدم المشاركة في المعرض، وذكر انتهاكات الحقوق وسجن الناشطين واستخدام الحكومة برمجيات التجسس لاستهداف المنتقدين.
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى فرض قيود على التعامل معها ومع منظمة العفو الدولية، وتشمل تلك القيود منع زيارة المسؤولين الحكوميين والتواصل معهم بشأن قضايا حقوق الإنسان، إضافة لمنع موظفي المنظمتين من الوصول إلى السجون والمحاكمات البارزة، حتى إنهم منعوا من دخول البلاد، وقالت “نادرا ما تستجيب السلطات الإماراتية لطلبات أي من المنظمتين للحصول على معلومات أو اجتماعات”.
واعتبرت المنظمة أنه منذ 2011 شنّت السلطات الإماراتية هجوما مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، واعتقلت وحاكمت المئات من المحامين والقضاة والمدرسين والطلاب والنشطاء المستقلين، وأغلقت جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية، مما أدى فعليا إلى سحق أي مساحة للمعارضة. أدخلت الإمارات أيضا قوانين جديدة، وعدّلت القوانين القمعية أصلا للقضاء على المعارضة بسهولة أكبر، بحسب المنظمة.
وقال التقرير إن المواقع الإخبارية المحلية، والعديد منها مملوك للدولة أو تحت سيطرتها، تمارس الرقابة الذاتية وفقا للتعليمات الحكومية والخطوط الحمراء غير الرسمية. ويقول الصحفيون والأكاديميون الأجانب إن منظماتهم قد تمارس الرقابة الذاتية خوفا من منع الدخول أو الترحيل.
كما منعت الحكومة أيضا خبراء أميين وباحثين حقوقيين وغيرهم من التدقيق ميدانيا في سجلها الحقوقي، بحسب المنظمة التي ذكرت أنه منذ 2014، عندما زارت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية باستقلال القضاة دولة الإمارات ونشرت تقريرا دامغا ينتقد افتقار البلاد لاستقلال القضاء، رفضت الحكومة معظم طلبات خبراء حقوق الإنسان الأمميين لزيارتها.
وبحسب المنظمة، فقد أدت الرقابة المحلية المستفحلة من جانب الحكومة إلى رقابة ذاتية واسعة النطاق من قبل المقيمين في الإمارات والمؤسسات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، وإلى تعرض وسائل الإعلام الإعلامية للرقابة وحتى للمراقبة المحتملة وعدم التعاون من قبل الحكومة.
واعتبرت المنظمة أن الإمارات: شرعت في جهود دامت عقودا لتلميع سمعتها على الساحة الدولية. تجلّت هذه الجهود في “إستراتيجية القوة الناعمة” للحكومة لعام 2017، التي تتضمن تنمية “الدبلوماسية الثقافية والإعلامية” كركيزة أساسية ولها هدف معلن يتمثل في “ترسيخ سمعة الإمارات كدولة حديثة، منفتحة، متسامحة ومحبة لكافة شعوب العالم”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن “إكسبو 2020” هو الأحدث في قائمة طويلة من الاستثمارات في مشاريع ثقافية وتعليمية طموحة تسعى إلى تحقيق هذا الهدف. وتشمل المشاريع الأخرى الاستحواذ على مقرات لمتحف “اللوفر” و”غوغنهايم” و”جامعة نيويورك”، مما جعل دبي وجهة سياحية فاخرة تستضيف الأحداث الثقافية العالمية مثل “الأولمبياد الخاص 2019” في أبو ظبي ومعرض إكسبو الدولي القادم في دبي.
في حين أن المؤسسات الأكاديمية والثقافية الدولية الرائدة أسست وجودا لها في الإمارات على أمل خدمة الصالح العام من خلال تعزيز “الأفكار والخطاب والتفكير النقدي”، إلا أنها التزمت الصمت منذ ذلك الحين في مواجهة القمع المتزايد للحقوق الأساسية. وتعمل هذه المؤسسات في الإمارات حتى على حساب الحرية الأكاديمية والحق في حرية التعبير داخل فضاءاتها الخاصة، بحسب التقرير الحقوقي.
وقالت المنظمة إن الإمارات وسعت قدراتها في مجال المراقبة بما في ذلك المواقع الإلكترونية والمدونات وغرف الدردشة ومنصات التواصل الاجتماعي، ويتم تجريم الشبكات الافتراضية الخاصة “في بي إن إس” (VPNS)، كما يواجه المواطنون والمقيمون غرامات كبيرة وأحكاما بالسجن بسبب منشورات على مواقع التواصل.
وذكر التقرير أن السلطات تتجسس أيضا على الصحفيين والنشطاء الدوليين وحتى على قادة العالم باستخدام برمجيات تجسس متطورة من إنتاج إسرائيل والاتحاد الأوروبي، أو بمساعدة مسؤولين سابقين في المخابرات الأميركية. بعض من استُهدفت اتصالاتهم وأجهزتهم من قبل المراقبة الحكومية ومن المقيمين في الإمارات، تعرضوا لاحقا للاعتقال والإساءة أثناء الاحتجاز، مشيرة إلى تجربة الناشط الإماراتي البارز في مجال حقوق الإنسان أحمد منصور الذي استندت محاكمته جزئيا إلى رسائل بريد إلكتروني ومحادثات واتساب (WhatsApp).
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومات والشركات تتحمل مسؤولية حقوقية تتمثل في تجنب المساهمة في جهود السلطات الإماراتية لتلميع صورة انتهاكاتها. بينما تستعد الدول لعرض أجنحتها في معرض دبي إكسبو، ينبغي عليها المساعدة في منع محاولات تلميع صورة الإمارات إما من خلال دعوة الإمارات إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين ظلما لممارستهم حقهم في حرية التعبير وفتح البلاد بانتظام، بما في ذلك سجونها ومحاكمها للتدقيق من قبل باحثين ومراقبين مستقلين، وإما من خلال عدم المشاركة في المعرض.
وقال بَيْج “مع عمليات الاعتقالات الواسعة والترهيب والمراقبة والانتقام التي يواجهها المواطنون والمقيمون بسبب التحدث علانية، على المشاركين في إكسبو والدول الأخرى إثارة المخاوف بشأن انتهاكات الحقوق في الإمارات. على الدول المشاركة في المعرض التأكد من أنها لا تساعد الإمارات في تلميع صورتها والتعتيم على انتهاكاتها”.