تركيا دولة كبرى لا يمكنكم استصغارها! لقد انهارت كل جبهة معادية لها. وستنهارون أنتم كذلك
إن تركيا في الخارج دولة عظمى لها احترامها وقوتها، فاذهبوا إلى حيث شئتم وستجدون عقلية ومبادرة ونموذجا ودولة تعلم جيدا ماذا ستفعل.
إننا دولة لديها حل لكل أزمة وكلمة لكل تطور ومعادلة لكل محاولة. لذلك فإنها قوة صاعدة مذهلة للجميع بين نظرات العالم الحائر من أفريقيا إلى الشرق الأوسط ومن البلقان إلى القوقاز وآسيا الوسطى.
ولعلكم ترون عندما ترافقون الرئيس أردوغان في زيارته إلى البوسنة والجبل الأسود كيف تمثل تركيا “أملا”، بل إنها أحيانا تكون “أملا” حتى للصرب، فضلا عمن تربطنا بهم أخوة وقرابة بين سائر شعوب البلقان.
لقد انهارت كل جبهة معادية لتركيا
فتجدون زعيم صرب البوسنة وهو يقول “لا أثق بأحد سوى أردوغان”، بل يقول علينا إخراج الاتحاد الأوروبي والغرب من أراضينا، ولتكن تركيا هي ضمان السلام في البلقان.
كما ترون على سبيل المثال انهيار الجبهة المعادية لتركيا والتي أقامتها دول كمصر والإمارات بدعم من إسرائيل، فتجدون هذه الدول الآن تواليا تحاول التقرب لتركيا سعيا لتطبيع العلاقات معها بعدما رأوا أن أي محور معاد لتركيا في الشرق الأوسط وأي تحالف قوى يستثني تركيا لن يفلح أبدا.
وأذكر كذلك انسحاب الغرب من أفغانستان، فلم يعد مرغوبا به هناك، غير أن جميع الوجهات في أفغانستان تنتهي بتركيا، بل إن حكومة طالبان تقول “إننا بحاجة لتركيا” في كل المجالات كالتعليم وإدارة المطار والاقتصاد والبناء والصحة والدفاع.
تركيا دولة تتمتع بالثقة والاحترام وتقدم حلولا ونماذج
ونجد كذلك الولايات المتحدة تطلب الحلول من تركيا، كما ينتظر الاتحاد الأوروبي الحلول من تركيا، بينما تسعى تركيا لتشكيل محور قوى في آسيا الوسطى وجنوب آسيا بالتعاون مع أذربيجان وباكستان جارتي أفغانستان لحل الأزمة.
كما تسعى دول أفريقيا جميعا للتقارب مع تركيا في كل المجالات وفي مقدمتها المجالين الاقتصادي والدفاعي ويقترحون الشراكات على تركيا لتنمية القارة السمراء ويدعون أنقرة للتدخل لحل الأزمات، وهو ما يمكنكم ملاحظته في كل مكان من شمال إلى وسط أفريقيا.
اذهبوا إلى حيث شئتم في أي مكان في العالم وستجدون أن تركيا دولة لها احترامها واعتبارها، دولة تقدم حلولا ونماذج.
التضليل والرخص بالداخل
إنهم قادمون من قرن مضى
إياكم أن تنخدعوا بما نعيشه داخل تركيا من محاولات تضليل واستخفاف مقصود ونقاشات مصطنعة وسياسة الحقد والكراهية وحملات “تشويه صورة تركيا” الرخيصة وخسارة المعارضة الداخلية لمحورها ومتابعة بعض الزعماء السياسيين لما يحدث في تركيا والعالم من منظور قرن مضى وما يعيشونه من عجز في فهم هذه الدولة العظمى.
إياكم أن يقلقكم الترويج للحقد والكراهية كلغة سياسية وتحول خطابات بي كا كاو غولن ومخططاتهما إلى لغة تستخدمها المعارضة السياسية؛ إذ إن مسيرة تركيا مستمرة وستستمر مستقبلا، ولقد تخطت تركيا منذ زمن بعيد حدود قدرتهم على “عرقلة” هذه المسيرة.
عاصفة الشر المروعة على وشك الاصطدام بالجدار…
إن عاصفة الشر المروعة الرامية لإيقاف مسيرة تركيا من الداخل على وشك الاصطدام بالجدار، وحينها سيتخلون عمن يتواطؤون معهم اليوم. وهو ما رأيناه حديثا في كابل، ورأيناه سابقا في أماكن عدة، وسنراه كذلك قريبا في سوريا ودول أخرى.
وسيأتي اليوم الذي يتخلون فيه عن “شركائهم في تركيا”، سنرى ذلك أيضا. أما الذين يضعون تصورات لتركيا لخدمة مصالح أمريكا وأوروبا لن يكونوا منهم بقدر عناصر غولن، فهذا مستحيل، وما حدث لهم يعلمه الجميع؛ إذ سيتخلون عنهم بمنتهى السهولة ويتركونهم غارقين في محاولات الشر التي استهدفوا بها هذا الوطن.
يريدون هم والغرب “دولة ضعيفة”
كيف تتطابق أهدافهم!
إن العاجزين عن قراءة صعود قوة تركيا وفهمه يحاولون جرها إلى مجال ضعفهم وعجزهم ورخصهم ويسعون تصوير تركيا في قوالبهم، وهو صورة أربعينيات القرن الماضي، صورة الدولة الفقيرة والعاجزة والمحتاجة والتي تعتبر شعبها تهديدا، صورة الدولة المعزولة عن العالم والتي تتابع عالم الدول العظمى عن بعد.
إن هذه هي الصورة التي يريد الغرب تركيا عليها، وهي الصورة التي يتصور من بالداخل تركيا عليها، فكيف تتطابق أهدافهم! ففي الوقت الذي يسعى فيه الغرب لاستصغار تركيا يرسم من بالداخل صورة تركيا الضعيفة، فكلا الطرفين يرسمون الصورة ذاتها لتركيا، ذلك أنهما ينتميان للمخطط عينه ويحملان النية ذاتها، لكنهما لا يتماشيان أبدا مع حقائق العالم.
هذه ليست نسخة تركيا التي نعرفها
إنها مسألة وزن نوعي
هذه ليست نسخة تركيا التي نعرفها، ليست تركيا التي يراها العالم ويشاهدها ويتابعها بمشاعر الإعجاب.
إننا أمام تركيا التي تضع بصمتها في كل شبر من العالم وتنشر التعاطف بين كل الشعوب وتهرع لنجدة الجميع وتقود مبادرة جيوسياسية استثنائية خلال حقبة زمنية قصيرة للغاية.
إنها مسألة وزن نوعي، مسألة ذاكرة تاريخية وعقلية إمبراطورية، مسألة طموح، مسألة صعود جديد لأمة برهنت للجميع على مدار قرون كيف تبنى هذه القوة.
الغرب ومن بداخل تركيا:
استخفّ لتحكم!
إنها ليست مسألة بسيطة ولا مسألة سياسة خارجية مؤقتة، فنحن أمام كيانين عاجزين عن قراءة هذه العقلية السياسية، أحدهما الغرب الذي يعلم ذلك جيدا لكنه يسعى لتشويه صورته، ذلك أنه يعتبر ما يحدث تهديدا لمستقبله ولا يريد منافسا له في المناطق التي يتعرض فيها لضغوط.
أما الكيان الآخر فهو من بالداخل، فيمثله أولئك الذين سجنوا خلف قضبان خطابات بي كا كا/غولن تحت اسم المعارضة ويتخيلون دولة ضعيفة، لأنهم يعلمون أنهم لن يستطيعوا إدارة دولة بهذا الحجم، فعليهم استصغارها ليستطيعوا السيطرة عليها، وهو ما يعتبر تصورا لدولة “بعثية” نمطية.
ينفذون مخططهم الأخير
وسيفشلون كذلك
تتابع أمريكا وأوروبا هذا الصعود باهتمام كبير، وفي الوقت الذي يحاول فيه بعض تلك الدول استهداف تركيا صراحة، يسعى البعض استغلال قوة التأثير لهذه القوة الجديدة بعدما أدركوا أنهم لن يفلحوا بإيقافها بالعداء. والآن ينفذون المخطط الذي وضعوه بالتعاون مع شركائهم داخل تركيا والمبني على توجيه الضربات للإضعاف والإيقاف من الداخل…
لم يبق سوى القليل، وسيدركون قريبا أن ذلك أيضا لن يفلح، وحينها سيقولون جميعا “علينا تقبيل هذه اليد”. اصبروا وسترون ذلك، لأن العالم يعيش حالة تغير لا تصب في مصلحة الغرب.
لقد تضاءل عدد شركاء الغرب وحلفائه، كما صعدت قوى خارج الغرب بشكل استثنائي لم يحدث منذ قرون، فالعالم يعيش أعنف موجة تبدل لموازين القوى.
المخططات تتداعى وتركيا تكمل مسيرتها
لا تصغوا للمهرجين
تعتبر تركيا أفضل دولة تقرأ هذه الأوضاع الجديدة وتتخذ مواقف وفقا لها، فمن ينتبهون ولو قليلا سيرون المستقبل، فهذا ليس صعبا. لذلك عليكم التخلي عن العقلية التقليدية، خلصوا عقولكم مما حفظته، أدركوا العالم الجديد، وحينها ستفهمون تركيا.
سيفهم من بالداخل كذلك ما هي عاصفة الشر. فلا تصغوا لأولئك المهرجين، فهم يحاولون إرجاعنا جميعا إلى القرن الـ20.
لقد فشل الغرب في إيقاف تركيا، كما فشلت في ذلك الجبهة التي أقامها في المنطقة، وكذلك فشلت الجبهة التي أقامها داخل تركيا، فالمخططات تتداعى وتركيا تكمل مسيرتها.