تخريب الأميركي للطائرات ومرافق مطار كابل العسكري
مع انتصاف ليل أمس الثلاثاء 31 أغسطس/آب، سمع سكان مدينة كابل ومحيط مطار حامد كرزاي الدولي صوت رصاص كثيف. وكان هذا إيذانا بمغادرة آخر رحلة جوية في إطار انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.
وعرف الأهالي أن عهدا جديدا قد بدأ، وانسحب المحتشدون في محيط المطار وعادوا إلى منازلهم، بعد أن استثنتهم واحدة من أوسع عمليات الإجلاء المدنية والعسكرية في العقود الأخيرة.
الهروب المهين
ولأول مرة، التقى مسلحو طالبان وجها لوجه بالقوات الأميركية في مهمة مشتركة، وهي تأمين المطار، حيث وقف المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد أمام إحدى الطائرات في مشهد غني بالدلالات، فمن هذا المكان كانت الطائرات الأميركية تتعقب مسلحي طالبان، ووصف انسحاب القوات الأميركية بـ”الهروب المهين”.
انتشر خبر انسحاب القوات الأميركية من المطار في أوساط الأفغان كالنار في الهشيم، ودخلت المطار وحدة من قوات “بدري 313″، وهي نخبة من قوات خاصة تابعة لحركة طالبان، لتأمين المطار الذي لجأت إليه القوات الأميركية بعد سيطرة الحركة على العاصمة كابل في 16 أغسطس/آب المنصرم، والذي كان آخر محطة للقوات الأجنبية قبيل انسحابها من أفغانستان.
وعند دخول المطار، يصدم الحضور من مشاهد لافتة في صالة المغادرين؛ إذ حُطّمت شاشات التلفاز والحواسيب “بصورة متعمدة”، حسب مسلحي طالبان، وكانت الفوضى سيدة المشهد في صالة الانتظار.
في المدرج، وجدت طائرات عسكرية لم يتسن لطاقمها نقلها إلى المنطقة المخصصة لها، وتُركت في قسم الطائرات المدنية، في حين كانت طائرات تابعة للخطوط المحلية رابضة على أرض المطار، على أمل استئناف الرحلات اليومية إلى ولايات قندهار وهرات ومزار شريف.
تخريب الجزء العسكري
يحتوي الجزء العسكري من المطار على قاعدة جوية ومقر للمخابرات ومركز تدريب للطيارين. ولكن بعد مغادرة القوات الأميركية والأفغانية، كان المدرج خاليا من الطائرات العسكرية والمقاتلات.
وقال المسؤول باللجنة الثقافية في حركة طالبان أحمد الله وثيق “عند دخولنا هنا، وجدنا أن القوات الأميركية قامت بتدمير المعدات العسكرية والطائرات وأجهزة الحاسوب”.
وحسب وثيق فإن الأميركيين نزعوا السلاح من 73 طائرة و70 سيارة مصفحة و27 سيارة “همفي” (مضادة للألغام) حتى لا تستخدمها طالبان.
وقال القيادي في طالبان عبد الرحيم اندر، إن القوات الأميركية عطلت نظام الدفاع المضاد للصواريخ، وقذائف الهاون، ودمرت برج المراقبة وجهاز الرصد “الرادار”.
ممتلكات أفغانستان لا طالبان
وأثارت عملية التخريب الواسعة للطائرات والمعدات العسكرية، موجة استنكار أفغانية كبيرة، خاصة بين الشباب.
وعلق أحد الأفغان “كنا لمدة عقدين كاملين في خندق واحد ضد مسلحي طالبان، ولكنهم عند المغادرة عبثوا بكل ما قدموه لنا من مساعدات عسكرية عوّل عليها الجيش الأفغاني كثيرا في حربه ضد الإرهاب. هذه ممتلكات الشعب وليست لحركة طالبان”.
يقول حاكم ولاية ننغرهار السابق ضياء أمرخيل “هذه خيانة عظمى. لم أتصور أن الأميركيين حاقدون لهذه الدرجة؛ عبثوا ودمروا جميع الوسائل التي حصلنا عليها بصعوبة بالغة”.
وأضاف أمرخيل “ستبقى هذه الصور في ذاكرة الشعب الأفغاني لفترة طويلة، وعلى هذا الأساس سنتعامل مع الأميركيين”.
واعتبر الدبلوماسي الأفغاني السابق مجيد قرار تخريب المعدات “جريمة أخرى للولايات المتحدة”. وقال “هذه كلها كانت لأفغانستان”. وحذر حركة طالبان قائلا “يجب على الحركة أن تدرك أن الولايات المتحدة لم تفِ بالتزاماتها تجاه الذين يحملون الجنسية الأميركية من الأفغان، فكيف سيتصرفون بإخلاص معكم؟”.
إعادة تشغيل المطار
ورغم التخريب الواسع، أعلنت حركة طالبان سعيها لتشغيل المطار وتقييم الأضرار التي لحقت به. وحسب أحد المصادر الخاصة، ستتمكن الحركة من تشغيل المطار في غضون 10 أيام، وقد وجهت الدعوة لجميع الموظفين في دائرة الطيران المدني لاستئناف عملهم.
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد “إننا في مرحلة تقييم وضع المطار، ونحاول تشغيله بقدرات محلية، وإن لم نتمكن من ذلك، سنطلب المساعدة من دول صديقة”.
وأمام طالبان خيارات أخرى باستخدام المطارات في ولايات قندهار وهرات ومزار شريف وخوست، إلى حين التغلب على المشاكل في مطار كابل الدولي.