أرقام صادمة عن الإخفاء القسري في مصر
تكشف شهادات ضحايا الإخفاء القسري في مصر عن ما أثارته بعض منظمات حقوق الإنسان المصرية عن أعداد المختفين على يد قوات الأمن في البلد منذ تموز/ يوليو 2013 وحتى اليوم.
ويقول حقوقيون وسياسيون، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، إن سياسة الإخفاء القسري تحولت من فعل يجرمه القانون إلى ممارسات أمنية يتستر عليها القضاء، وباتت الباب الخلفي لهروب جهاز الشرطة المصرية من جرائمه التي يرتكبها بحق المعارضين.
يصف أحد النشطاء السياسيين والحقوقيين الذي تم اعتقاله في مصر لأسباب سياسية، ثم أفرج عنه لاحقا، وغادر البلاد في رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر لطلب اللجوء، على الأمر قائلا: الاختفاء القسري هو عالم آخر بين الحياة والموت، تتمنى الموت ولا تجده، وتتمنى الخلاص والحياة ولا تجدها، يحكمه شياطين على صورة بشر.
ما بين الحياة والموت
وكشف عبد الرحمن عاطف، والذي تعرض للاختطاف والإخفاء القسري على يد قوات الأمن مرتين، أن الخطف والإخفاء سياسة ممنهجة، قائلا: المرة الأولى اختطفت من داخل محطة مترو الأنفاق بالقاهرة في صيف 2013، وتم إخفائي في غرفة غير معلومة، وفي اليوم التالي أخرجوني لقسم شرطة فوق المترو، ما يؤكد أن مكان الاحتجاز بالأسفل هو مكان سري.
وأضاف: عملية الخطف الثانية كانت في أكتوبر 2015، حيث تم اقتيادي من مكتب محاماه بالمخالفة للقانون كمحام، ثم اصطحبوني لمكان مجهول معصوب العينين، ومكتوف الأيدي، وعرفت فيما بعد أنها مراكز لقوات الأمن المركزي تم استخدامها للاحتجاز لمدد قصيرة بديلا عن مقار جهاز أمن الدولة التي أحرقت إبان ثورة 25 يناير.
بشأن كواليس ما يحدث في عالم الاختفاء القسري، يتذكر عاطف الأمر بمزيج من الشعور بالقهر والألم، قائلا: سمعت عن قصص مروعة، وشاهدت قصصا مخيفة، كلها تتعلق بالاختفاء والتعذيب في أماكن باردة مظلمة على أيدي بشر منزوعي الرحمة، يستمر التعذيب لأيام وأسابيع في مراكز أمن الدولة، حتى يصاب المعتقل بلوثة نفسية وعصبية وعقلية.
أرقام صادمة
بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، كشف مركز الشهاب لحقوق الإنسان أن عدد المختفين قسرياً في مصر تجاوز 12 ألف حالة خلال السنوات الثماني الماضية، حسب ما تم رصده من منظمات حقوقية غير حكومية.
وأضاف، في تقرير له، أن هناك حالات رهن الاختفاء القسري لعدة سنوات، مشيرا إلى وجود 60 مواطنا تعرضوا للاختفاء القسري، ثم قتلوا بدم بارد خارج نطاق القضاء، رغم توثيق واقعة الاختفاء.
في السياق، يقول السياسي والمعارض المصري، إسلام الغمري، إن سلطة الانقلاب في مصر تتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، ومن المؤسف تماهي العالم مقدماً المصالح على المبادئ. جريمة الإخفاء القسري لا تقل بحال عن جرائم محاكم التفتيش وتعذيب العصور الوسطى وباستيل فرنسا.
وناشد: إننا نتوجه لمنظمات المجتمع المدني حول العالم أن تتكاتف معنا للضغط على النظام المصري، للكشف عن مصير المختفين قسرياً، الذين يزيد عددهم على عشرة آلاف، حيث نحمل سلطة الانقلاب المسؤولية الكاملة عن أرواحهم، وما يلحق بهم ولذويهم من أضرار أو تعذيب.
من أداة إجرامية إلى أداة شرطية
اعتبر مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، أن منهجية النظام في ارتكاب جريمة تظهر من ارتكاب النظام للجريمة بصورة واسعة النطاق ومستمرة، وهذا يتضح من الأرقام التي شملها التقرير، حيث بدأت منذ عام 2013، ولم تتوقف حتى الآن، وشملت كل المحافظات، وما زالت.
وأوضح: استهدف النظام كل معارضيه منذ سنوات، وإن كانت عصاه في البداية موجهة ضد فصيل معين وهم أفراد جماعة الإخوان، إلا أنها ومنذ أزمة جزيرتي تيران وصنافير شملت الجميع”، مشيرا إلى أن النظام الحالي فاق في جرائمه كل الأنظمة السابقة.
وختم حديثه بالقول: هذا النظام قتل آلاف المعارضين، وأخفى قسريا ما يزيد على 12 ألف مواطن، واعتدى بصور مختلفة على ما يربو على 2000 سيدة، واعتقل الأطفال، وسجن أعضاء البرلمان، وفصل القضاة، واستهدف المؤسسات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان.