خبير بريطاني: حملة ممنهجة إلكترونية تستهدف جهود إطفاء الحرائق في تركيا
تزامناً مع جهود السلطات التركية لإخماد الحرائق المشتعلة منذ أكثر من أسبوع في مناطق عدة من البلاد، انطلقت حملة إلكترونية وصفت بـ “الممنهجة” تهدف لتشويه المساعي المبذولة لإخماد الحرائق، وإظهار تركيا في موقف الدولة العاجزة عن إطفاء نيرانها.
وانطلقت الحملة الإلكترونية تحت وسم “ساعد تركيا”، على شكل تغريدات من حسابات وهمية، ردّ عليها نشطاء أتراك بوسم “تركيا القوية”.
مارك أوين جونز، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية المتخصص في مجالي السلطوية الرقمية والتلاعب الإلكتروني، أجرى “تحليلاً فنياً عميقاً” كشف أساليب التلاعب المتّبَعة في الحملة، مؤكداً أنها جرت بشكل “منظم ومضلل”.
وأظهر التحليل الذي أجراه الأكاديمي والخبير البريطاني أن جزءاً كبيراً من التفاعل جرى عن طريق حسابات وهمية “روبوتية” وبسرعة غير واقعية في وقت متأخر من الليل، إضافة إلى نسخ محتوى ثابت من قبل آلاف المستخدمين، وحذف جميع التغريدات من تلك الحسابات فوراً بعد نشرها، علاوة على تغيير المستخدمين أسماء حساباتهم بغية تصعيب عملية التتبع، بحسب ما نقله تقرير لـ “TRT عربي”.
ويؤكد جونز أنه على الرغم من مشاركة العديد من الأشخاص ذوي النوايا الحسنة -الذين لا يمتلكون دوافع خفية- في الحملة، ففي المجمل تتبعت التغريدات المنسوخة نمطاً يلمّح ويحاول إظهار تركيا دولة غير قادرة على إدارة الأزمة والسيطرة على الحرائق بالبلاد.
ويضيف خبير التلاعب الإلكتروني: “شعر البعض أن الرسالة التي يُراد إيصالها من خلال الهاشتاغ هو جعل تركيا تبدو ضعيفة وليست على كفاءة ويائسة”.
كما أكد الأكاديمي الذي كان أستاذاً بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة في قطر أنه اتبع: “تحليلاً شبكياً لنحو 160 ألف تفاعل جرت عن طريق ما يقارب 46 ألف حساب على موقع تويتر”.
واعتمد جونز تحليل رسم بياني يوضّح أن المشاركة تحت الوسم جرت عن طريق مجموعة حسابات غرّدت بكثافة في نفس اللحظة بعد منتصف الليل بتوقيت أنقرة، وهو وقت متأخر يصعب تخيّل انطلاق الحملة فيه بشكل طبيعي، وفقاً للخبير بمجال التلاعب الإلكتروني.
ويعلل جونز قائلاً: “في الظروف العادية يمكن أن يكون البعض متحمساً بشدة تجاه قضية ما، (..) ونتوقع حينها أن يُظهر الرسم البياني تفاعلاً متساوياً نسبياً، لكن لم يحدث ذلك إذ استخدمت مجموعة الحسابات الملوّنة باللون الأخضر الهاشتاغ بشكل متواتر (في مدة قصيرة غير واقعية)”.
وأضاف الأكاديمي أن العديد من المستخدمين على موقع تويتر أخذوا “يغيّرون أسماء حساباتهم بعد حذفهم للتغريدات”، وذلك تكتيك لتجنّب عمليات التتبع.
ويتعجب جونز: “الاكتشاف المثير للدهشة هو أن العقدة الأكثر نشاطاً في عينة المشاركين كان حساباً باسم “ege20281770″، وهو حساب أٌنشئ حديثاً، ويظهر الآن فارغاً تماماً من دون أي تغريدات”.
في المقابل، غرّد عشرات الآلاف من المواطنين والنشطاء والصحفيين والمسؤولين الأتراك تحت وسم “تركيا القوية”، مؤكدين أن بلادهم لديها القدرات والكفاءة والتضامن الشعبي والمؤسساتي التي تكفي لسيطرتها على الحرائق.
وأشاد فخر الدين ألطون رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية بقدرة بلاده على إخماد الحرائق قائلاً: “اليوم في مدينة أنطاليا دافعنا عن وطننا الأخضر ضد ألسنة اللهب بـ8 مروحيات و3 طائرات و61 رشاش مياه. 5 مروحيات مكافحة للحرائق في كادر واحد”.
وفي هذا الصدد صرّح ألطون بأن حملة “ساعد تركيا” على موقع تويتر قد نُظّمت من الخارج من قبل مركز واحد بهدف زعزعة الاستقرار في تركيا وإضعاف العلاقات بين الدولة والشعب.
وأكد رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية أن الحملة انطلقت “بدوافع أيديولوجية”، مفيداً بأن “معظم المعلومات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات الرسائل الفورية والمنتديات هي أخبار زائفة”، في إشارة إلى مزاعم بأن تركيا ليس لديها طائرات كافية للسيطرة على الحرائق.
وطالت حرائق الغابات عدة ولايات جنوب وجنوب غربي تركيا، ضمنها أنطاليا وأضنة وموغلا ومرسين وعثمانية، وأعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان بوقت سابق “مناطق منكوبة”.
وبلغت حصيلة ضحايا تلك الحرائق 6 وفيات وعشرات الإصابات، فيما تمكنت السلطات المعنية من إخماد معظمها.