الأتراك الأفارقة.. شريحة مهمة بمنطقة الأناضول
يستعد الأتراك الأفارقة في ولاية إزمير غربي تركيا، لتصوير فيلم وثائقي بالتعاون مع البروفيسورة الأمريكية من أصل أفريقي، نيكي براون، لتوثيق حياتهم الاجتماعية والثقافية.
وفي عام 2018، بدأت البروفيسورة براون، من جامعة كنتاكي بالولايات المتحدة، بإجراء دراسة حول التاريخ الشفوي للأتراك الأفارقة الذين يعيشون في ولاية إزمير التركية، قبل أن تعتزم تصوير فيلم وثائقي يوثق الحياة الاجتماعية والثقافية لهذه الشريحة الاجتماعية المهمة داخل المجتمع التركي.
وينحدر أجداد “الأتراك الأفارقة”، أو كما يطلق عليهم أهل مدينة إزمير (أفرو-توركلار)، من القارة السمراء، وقد وصلوا إلى المدينة قبل قرون، حيث لا يزال الأحفاد يحافظون بشكل كامل أو جزئي على ملامح اولئك الأجداد، لكن بلسان تركي.
ويُعتقد أن أجداد “الأتراك الأفارقة” قدموا إلى المنطقة اعتبارا من القرن السادس عشر، ومع الزمن انخرطوا في المجتمع التركي وباتوا جزءا منه، ولا يختلفون عنه سوى بلون البشرة إلى حد ما.
ومعظم الأتراك الأفارقة لا يعرفون بدقة متى ومن أي بلد جاء أجدادهم إلى تركيا، التي أصبحت وطنهم الوحيد، ويكنون له المحبة في قلوبهم.
ويتحدث الأتراك الأفارقة بنفس لهجات المناطق التي يعيشون فيها، ويرتدون الأزياء التقليدية التركية، لا سيما في الأرياف، كما يتفننون في طبخ المأكولات المحلية.
وبعد الأنشطة الاجتماعية والفنية الناجحة التي نظمها الأتراك الأفارقة في مدينة إزمير، مثل مهرجان “العجل” واستعراضات “مجموعة الإيقاع الإفريقية”، تزايد اهتمام الباحثين المحليين والأجانب، لاسيما الأمريكيين، بالأتراك الأفارقة وإمكانيات إجراء أبحاث حول أصولهم الإفريقية.
يعتبر الأتراك الأفارقة، الذين ورثوا لون بشرة داكنة عن أسلافهم الأفارقة، أن تركيا وطنهم الوحيد الذي تربوا وترعرعوا فيه، كما تنظم هذه الفئة الاجتماعية أنشطة توعوية من خلال جمعية أسسوها باسم “جمعية التعاون والتضامن للأتراك الأفارقة”.
ويسعى الأتراك الأفارقة في مدينة إزمير، إلى جذب اهتمام العالم من خلال تنظيم مجموعة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية مثل مهرجان العجل الذي يتم الاحتفال به كتعبير عن حب الطبيعة، واستعراضات “مجموعة الإيقاع”، التي تساهم في إحياء الموسيقى الأفريقية في تركيا.
الأفارقة الأتراك سعداء بالاهتمام
وقال شاكر دوغلوأر، رئيس جمعية الثقافة والتعاون والتضامن للأتراك الأفارقة، إن الجمعية التي يترأسها جرى تأسيسها من أجل تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية للمواطنين الأتراك المنحدرين من أصل إفريقي، والحفاظ على تقاليدهم.
وذكر دوغلوأر، للأناضول، أن الأتراك من أصل أفريقي الذين يعيشون في الأناضول، لم يشعروا أنهم غرباء في المجتمع التركي، ولا يعانون من أي مشاكل بسبب لون بشرتهم، مؤكدا أنهم يفضلون الاختلاط الاجتماعي وتقديم أنفسهم كجزء من المجتمع التركي بدلًا من العيش ضمن “مجتمع انطوائي”.
ولفت الى أن الأتراك الأفارقة ينظمون من خلال الجمعية التي يترأسها، مجموعة من الأنشطة الاجتماعية والثقافية، وأن تلك الأنشطة تجذب يومًا بعد يوم المزيد من الاهتمام، لاسيما من قبل الباحثين الذين يرغبون في إجراء دراسات حول أصول الأفارقة الأتراك.
وأشار الى أن البروفيسورة براون، بدأت بتصوير فيلم وثائقي، لتوثيق الحياة الاجتماعية والثقافية للأفارقة الأتراك، وهذه الخطوة جاءت بعد بدء الأكاديمية الأمريكية بالتعاون مع إدارة الجمعية والأتراك الأفارقة، بإجراء دراسة حول التاريخ الشفوي لهذه الفئة الاجتماعية التي تعيش في ولاية إزمير.
وأوضح دوغلوأر أن الأكاديمية الأمريكية بدأت منذ عام 2018 بالعمل على دراسة وجمع التاريخ الشفوي للأتراك من أصل أفريقي، مشيرًا أن الأبحاث التي تتناول الأتراك الأفارقة لا تزال قليلة جدًا.
وقال: نحن نفهم أن أسلافنا كان لهم مكانة مهمة في التاريخ العثماني، كما أن الأبحاث والدراسات التاريخية تساعد أيضًا في التعريف بنا في الخارج.
وأفاد أنهم لا يمتلكون إحصاءات دقيقة لعدد للأتراك المنحدرين من أصل أفريقي في تركيا، لاسيما أن العديد من أبناء المجتمع المذكور قد بدأوا تدريجيًا يفقدون البشرة الداكنة، نتيجة الزواج المختلط مع أتراك الأناضول.
وقال إنهم يهدفون للوصول إلى معلومات أكثر تفصيلا عن الأتراك الأفارقة من خلال تتبع التاريخ الشفوي والدراسات الوثائقية التي بدأت في إزمير وسوف تتوسع لتشمل 15 ولاية تركية أخرى.
وتابع دوغلوأر: جرى تعليق المشروع حاليًا بسبب جائحة كورونا، والتدابير التي فرضت للحد من انتشار الفيروس، ما اضطر براون للعودة إلى بلادها، مشيرًا إلى أن العمل في المشروع سوف يعود قريبًا، مع بدء عودة الحياة إلى طبيعتها في تركيا.
بدوره، قال نائب رئيس الجمعية، بيهان تورك قولي، إنهم نفذوا مشاريع مشتركة مع السفارة الأمريكية في أنقرة، وأنهم تواصلوا مع العلماء الذين يجرون أبحاثًا حول المنحدرين من أصل أفريقي.
وأكد تورك قولي للأناضول، أنهم يهدفون إلى توسيع دراسة التاريخ الشفوي للأتراك الأفارقة، لتشمل مختلف الولايات التركية، بغرض جمع أكبر قدر من المعلومات حول أسلافهم، ونقل تلك المعلومات الى الأجيال القادمة.
وختم بالقول: نرغب في تصوير أفلام وثائقية وإجراء أبحاث عن الأتراك الأفارقة. هناك العديد من المهتمين من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وجامايكا. هدفنا هو أرشفة وحفظ المعلومات المتعلقة بهذه الشريحة المهمة من الأتراك، ونقلها للأجيال القادمة.