اشتباكات دامية في مدينة بنغازي الليبية تتسبب في سقوط ستة قتلى وعدد من الجرحى
رغم ادعاء حفتر بالسيطرة وفرض الأمن والأمان ومزاعمه بإنشاء جيش نظامي في المنطقة الشرقية يرتقي للاستعراض به عسكرياً، إلا أن تجاوزات عديدة لا زالت تسجل يومياً في مناطق نفوذه، بل ووصلت هذه التجاوزات حد الاشتباكات العنيفة والمتوسطة والمشاهد الدامية.
استمرار انقسام المؤسسة العسكرية بليبيا، وتمسك حفتر بمنصبه الذي شرعه برلمان طبرق، فضلاً عن صمت القائد الأعلى للجيش والمتمثل في المجلس الرئاسي مجتمعاً على هذه التجاوزات جعل الأوضاع في مدن المنطقة الشرقية تزداد سوءاً يوماً بعد آخر.
مدينة بنغازي عاصمة الشرق الليبي شهدت، السبت، اشتباكات دامية سقط على إثرها قتلى وجرحى بين عناصر مسلحة تنتمي إلى قبيلتي العواقير والجوازي الداعمتين لحفتر على المستوى القبلي، وقد استمرت هذه الاشتباكات حتى الساعات الأولى من صباح الأحد دون تدخل لفضها.
الاشتباكات أدت حسب مصدر عسكري رسمي إلى سقوط ستة قتلى وعدد من الجرحى، دون معرفة سبب النزاع تحديداً، وقد استخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة متنوعة أظهرتها صور في وسط المدينة.
وأظهرت مقاطع مصورة مفجعة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قيام المسلحين بسحب الجثث بطريقة تتنافى مع الإنسانية وحقوق الإنسان في وسط الطريق، واعتبرت هذه الأفعال بمثابة التنكيل بالجثث وهو ما فعلته ميليشيات حفتر في حروب سابقة.
أحد أطراف النزاع المسلح والمعروف باسم أسامة بوحلاق العقوري ظهر في مقطع فيديد مهدداً، وتحدث عن تدخل عناصر من الكتيبة 166 التابعة لأيوب الفرجاني مع فرد من أفرادها في مشكلة قبليّة في منطقة شبنة بـبنغازي ويهدد بحرب قبليّة إذا استمر هذا التدخل، ما يدل على الفوضى وعجز أقوى كتائب حفتر على السيطرة على النزاعات في المدينة .
وقد أدت هذه الاشتباكات إلى إغلاق مجموعة من الطرق الرئيسية في المدينة فضلاً عن خروج عدد من الأهالي خوفاً من قوة الاشتباكات واستخدام الطرفين لمجموعة من الأسلحة المتوسطة.
هذا التجاوز لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فتشهد المنطقة الشرقية بشكل عام تزايداً في حالات الاختطاف والسرقة والقتل خارج إطار القانون، فضلاً عن منع حرية التعبير بشكل كلي، ومنع نشر أي أخبار عن هذه التجاوزات .
فقد اختفي قبل قرابة الشهر مدير فرع الهلال الأحمر الليبي أجدابيا منصور عاطي، وتحديداً الثالث من يونيو الجاري، بالقرب من مقر عمله بإدارة الفرع في المدينة، وعثر على سيارة عاطي بالقرب من مقر عمله في إدارة فرع الهلال الأحمر أجدابيا دون العثور عليه أو معرفة الأسباب التي أدت إلى اختفائه، فيما تواصل والده مع أقاربهم والجهات الأمنية والعيادات والمستشفيات للتأكد من سلامة نجله.
وكانت مجموعة من الميليشيات قد ألقت القبض على عاطي في أجدابيا خلال الفترة الماضية على خلفية مشاركته في تجمع شباب الهلال النفطي والذي يمثل الاجتماع التمهيدي لملتقى شباب ليبيا الجامع الخاص بنشطاء المنطقة الشرقية، والذي يهدف للوصول إلى إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 24 ديسمبر من العام الجاري. كما توجه عاطي خلال الفترة الماضية إلى مدينة طرابلس، للاجتماع مع المفوضية العليا للانتخابات كممثل من منظمات المجتمع المدني .
وفي غياب لحرية الرأي والتعبير، أعلنت إدارة جريدة أخبار أجدابيا الجمعة، عن مصادرة العدد 820 من الجريدة الصادر في 23 حزيران/ يونيو الجاري من كل مقار التوزيع في السوق المحلية في المدينة، دون أن تشير إلى الجهة التي تقف وراء الإجراء.
وأوضحت إدارة الجريدة أنها تفاجأت بعد صدور العدد 820 وتوزيع الكميات المخصصة على المكتبات والمحال التجارية التي تباع الجريدة من خلالها، بأنها صودرت بالكامل.
وقد كان سبب مصادرة هذه الصحيفة هو كتابة مقال في صفحتها الأولى عن رئيس جمعية الهلال الأحمر في أجذابيا، واستنكار ضعف وهشاشة الوضع الأمني في المدينة، ومطالبة السلطات الأمنية بوضع حد سريع.
عاطي ليس الوحيد الذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن، فأبناء الناشطة الحقوقية حنان البرعصي، لا زالوا -هم الآخرون- مغيبين حتى هذه اللحظة، بل تقوم ميليشيات حفتر بالاعتداء عليهم، حيث اختطفا منذ شهر آذار / مارس من السنة الجارية ولم تسمع عنهم أي أخبار حتى اليوم حيث خرج عمها في بيان محتجاً على تعرض ابنة أخيه لعنف واعتداء جسديين داخل السجن ما دفعها لمحاولة الانتحار مطالباً بالإفراج عنها وعن شقيقها.
وتابع عم العبدلي أن ابنة أخيه قد حاولت أن تتقدم بشكوى ضد من حاول الاعتداء عليها، ولكن أحداً لم يأخد هذه الشكوى بجدية ولم يتخد أي إجراء في حق المجرم، مضيفاً أنها في حالة نفسية سيئة جداً وأنها سجينة دون وجه حق.
وفي غياب حقيقي لسيطرة المجلس الرئاسي على كامل بقاع الدولة الليبية، ومع تعاظم قوة حفتر، يبقى الرهان على السطة الجديدة التي ستنتجها انتخابات 24 من ديسمبر وقدرتها على القضاء على هذه التجاوزات والخروقات وإعادة السيطرة على كامل بقاع الدولة.