معارضو جيش بورما يبدون تأييدا لافتا لحقوق المسلمين الروهينغيا
أحدثت سياسة الانقلاب والقمع والقتل المباشر من قبل الجيش البورمي، تغيرا جوهريا في وعي المواطنين حيال ملف مسلمي الروهينغيا، الذين وقعوا ضحية اضطهاد وتصفية عرقية على مدار سنوات من الجيش دون أي تعاطف في السابق.
وفتحت جرائم الجيش والقوات الأمنية، أعين البورميين على حجم الفظائع والظلم الذي تعرض له مسلمو الروهينغيا، ما ولد حالة تضامن وتعاطف وتحرك تجاه ملفهم غير مسبوقة.
وفي هذا الصدد نشر متظاهرون مناهضون للمجلس العسكري صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي مرتدين اللون الأسود في تعبير بارز ولافت عن تضامنهم مع أقلية الروهينغيا المسلمة التي تعد بين الأكثر اضطهادا في البلاد.
ومنذ أطاح الجيش بالزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي في انقلاب الأول من شباط/ فبراير، فقد وسّعت الحركة المناهضة للجيش والمطالبة بعودة الديمقراطية نشاطها ليشمل الدفاع عن حقوق الأقليات العرقية.
وعلى مدى عقود، حُرم الروهينغيا المسلمون بمعظمهم من الحصول على الجنسية والحقوق وحرية الحركة والوصول إلى الخدمات.
ونشر ناشطون ومدنيون الأحد صورا لأنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي مرتدين اللون الأسود ورافعين أصابعهم الثلاثة في تحية تعد رمزا للمقاومة وأرفقوا المنشورات بوسم “بالأسود من أجل الروهينغيا”.
وقالت الناشطة ثينزار شونيلي يي على “تويتر”: “يجب تطبيق العدالة لكل منكم وكل منّا في بورما”.
وبثّت وسائل إعلام محلية مشاهد لتظاهرة صغيرة في مدينة رانغون حيث رفع محتجون ارتدوا اللون الأسود لافتات باللغة البورمية كتبوا عليها “من أجل الروهينغيا المضطهدين”، وبحلول المساء، استخدم وسم “بالأسود من أجل الروهينغبا” أكثر من 332 ألف مرة.
ويمثّل إظهار الدعم من قبل السكان البوذيين بمعظمهم في بلد تشكّل عرقية “بامار” الغالبية فيه، تناقضا كبيرا مع ما كان الوضع عليه في السنوات الماضية، عندما كان مجرد ذكر “الروهينغيا” يثير الجدل.
ودفعت حملة عسكرية دامية في غرب بورما عام 2017، نحو 740 ألفا من الروهينغيا إلى الفرار عبر الحدود باتّجاه بنغلادش حيث أفادوا عن تعرّض الأقلية لعمليات اغتصاب وقتل جماعي وحرق.
وأصر الجيش مرارا على أن الحملة الأمنية كانت مبررة لاجتثاث المتمرّدين فيما دافعت سو تشي أيضا عن سلوك الجيش حتى إنها توجّهت إلى لاهاي بهدف دحض تهم الإبادة الموجهة للمؤسسة العسكرية في أعلى محكمة أممية.
ولم يتعاطف سكان بورما حينها على الإطلاق مع معاناة الروهينغيا حتى إن الناشطين والصحافيين الذين نشروا تقارير عن المسألة كانوا يتعرّضون لهجمات على الإنترنت.
وأفاد الناشط البارز المنتمي لأقلية الروهينغيا والمقيم في أوروبا رو ناي سان لوين، “فرانس برس” بأن الحملة على الإنترنت هي في الواقع حملة سنوية تنظّم من أجل التوعية، لكن هذه “أول مرة” تنتشر على نطاق واسع في بورما.
وقال: “أشعر بسعادة بالغة لرؤية الناس في بورما ينضمون إلى هذه الحملة. لدي مزيد من الأمل بتضامن أكبر من قبلهم”.
ومدّت “حكومة الوحدة الوطنية”، التي شكّلتها مجموعة من النواب الذين تمّت الإطاحة بهم من أجل إسقاط المجلس العسكري، اليد لأبناء الأقلية داعية إياهم “للمشاركة في ثورة الربيع هذه”.
وصنف النظام العسكري في بورما حكومة الظل المعارضة بأنها “إرهابية”، بينما اعتبر قائد المجلس مين أونغ هلاينغ أن كلمة “روهينغيا” هي “مصطلح خيالي”.
ومنذ انقلاب الأول من شباط/ فبراير، قُتل أكثر من 860 شخصا في حملة قمع عنيف شنّتها قوات الأمن، وفق مرصد محلي، ما أثار قلق المجتمع الدولي.
والجمعة حذّرت مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه من أن بورما تحوّلت “من وضع ديمقراطية هشّة إلى كارثة على صعيد الحقوق الإنسانية”، مشيرة خصوصا إلى تصاعد العنف في ولايات كاياه وشين وكاشين.
ومساء الأحد ندّد التلفزيون الرسمي البورمي بتصريحات باشليه، معتبرا أن المنظمة الدولية “يجب ألا تكون منحازة”.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، حثّت الولايات المتحدة، مجلس الأمن الدولي على التحرك بسرعة بشأن ميانمار (بورما) وسط دفع دبلوماسي لإصدار قرار ضد المجلس العسكري، الذي نفذ انقلابا في البلد الآسيوي مطلع شباط/ فبراير الماضي.
وتساءلت حينها المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد، خلال اجتماع لمجلس الأمن: “هل سيتجادل المجلس حول الكلمات في بيان آخر أم إننا سنعمل لإنقاذ الشعب الميانماري؟”.
وفي السياق، طالب مندوب ميانمار الأممي، المقال من قبل الانقلاب، مجلس الأمن الدولي بإقامة “منطقة حظر جوي” في بلاده، لوقف غارات النظام وفرض عقوبات دولية على العسكريين.
وأثناء اجتماع عام غير رسمي لمجلس الأمن مخصص لبحث الوضع في ميانمار بعد انقلاب الأول من شباط/ فبراير، قال المندوب الميانماري، كياو مو تون: “من فضلكم، من فضلكم، تحرّكوا”.
وحثّ “كياو” مجلس الأمن على فرض “عقوبات” على المجموعة الحاكمة تشمل “حظراً على الأسلحة”.