غزة تفعل المقاومة الخشنة والفصائل تلوح بكل الخيارات
عادت مشاهد التوتر الميداني إلى قطاع غزة، في تشابه لتلك الأحداث التي فجرت الشهر الماضي العدوان الأخير ضد القطاع، وذلك على خلفية الهجمات الاستيطانية التي تستهدف مدينة القدس المحتلة، وأبرزها تنظيم “مسيرة الأعلام” الاستيطانية.
وكمقدمة تنذر بإمكانية توسع ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة في غزة، رفضا لما تشهده العاصمة المحتلة، عادت الفرق الشبابية التي تنشط في تفعيل “أدوات المقاومة الخشنة” للعمل من جديد على حدود غزة، وذلك منذ ليل الاثنين، من خلال إطلاق دفعات من “البالونات الحارقة” صوب المستوطنات الإسرائيلية المقامة على مقربة من حدود غزة، وهي فعاليات يتم اللجوء إليها للتعبير عن حالة الغضب من إجراءات الاحتلال.
تفعيل الأدوات الخشنة
كذلك أعلنت “وحدات الإرباك الليلي” عن عودة فعالياتها الميدانية على الحدود، والتي يتخللها نشاطات تزعج سكان المستوطنات القريبة، بدءا من ليل الثلاثاء، رفضًا لـ “مسيرة الأعلام”، ونصرة للقدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، واستنكارًا لممارسات الاحتلال بحقهما.
وتشمل أعمال هذه الوحدات تفجير قنابل صوتية، وإشعال إطارات السيارات، وتشغيل مكبرات الصوت، لإزعاج جنود الاحتلال والمستوطنين، وقد نشطت كثيرا خلال فعاليات “مسيرات العودة” التي كانت تنظم على حدود غزة سابقا.
من جهته قال أبو خالد، الناطق باسم الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية، أحد الفصائل المشاركة في غرفة العمليات لفصائل المقاومة منذرا “من يشعل النار تحمل مسؤولية إخمادها، فلا تختبرونا”، وأضاف في تصريح صحافي: المقاومة حاضرة في الميدان، وستستأنف معركة سيف القدس التي قضت مضاجع العدو من حيث ما توقفت، لافتا إلى أن المقاومة تتابع بكثبٍ ما يجري من خطوات تصعيدية للاحتلال واستفزازات قطعان المستوطنين في مدينة القدس المحتلة، وأضاف: مقاتلونا لم يقفوا ولن يقفوا مكتوفي الأيدي.
كما دعت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة “الشباب الثائر” للتصدي للاحتلال المستوطنين، واعتبرت في بيان أن المسيرة الاستيطانية تعد “انتهاكًا صارخًا على مقدساتنا، وعاصمتنا الأبدية”، مضيفة: لن نسمح للاحتلال وقطعان المستوطنين بانتهاك حرمة الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وجاء ذلك في وقت دعت فيه الفصائل والفعاليات الوطنية والشعبية للنفير، رفضا لهذه المسيرة الاستفزازية، إذ من المحتمل أن يستمر التوتر وربما ترتفع درجته إلى مستويات تنذر باندلاع مواجهة مسلحة مع غزة، على غرار الشهر الماضي، وذلك لتشابه كل الأحداث الميدانية على الأرض.
إسرائيل تتجه للوسطاء
وخشية من اندلاع مواجهة مسلحة جديدة مع غزة، كشف النقاب أن إسرائيل أبلغت مصر بالعمل على ضبط تحركات حركة حماس في يوم “مسيرة الأعلام”، ووفق ما ذكرت قناة “كان” نقلا عن مصادرها فإن إسرائيل طلبت من مصر خلال الأسبوع المنصرم ما وصفته “بتهدئة” حركة حماس.
وأكدت القناة أن التقديرات الإسرائيلية الأمنية تشير إلى أن حركة حماس ستمتنع عن إطلاق صواريخ من قطاع غزة تجاه إسرائيل.
وقد دعت فصائل المقاومة الفلسطينية سكان الضفة والقدس والداخل المحتل لـ “شد الرحال للرباط في المسجد الأقصى للتصدي لاقتحامات الاحتلال وتدنيسه لساحاته ومحاولاته فرض أمر واقع على شعبنا ولمجابهة مسيرة الأعلام”، وأشارت الفصائل إلى أن المقاومة فرضت معادلة ثابتة في “معركة سيف القدس” مفادها أن الاعتداء على الأقصى والقدس وأحيائها لن يمر مرور الكرام وأنها جاهزة لتقول كلمتها بالأفعال وليس بالأقوال.
تحذيرات فلسطينية
وعبرت حركة حماس عن رفض مسيرة المستوطنين، ودعت المقاومة أن تأخذ زمام المبادرة لمنع تقدم هذه المسيرة نحو المسجد الأقصى، وقالت إن الاحتلال هو الذي يتحمل المسؤولية عن نتائج هذه الجرائم بحق القدس والأقصى ومحاولة فرض تقسيمه”، مشددة على أن شعبنا سيبدي استبسالاً منقطع النظير في الدفاع عن حقه الديني والوطني.
وحذرت حماس من أن هذه المسيرة تأتي في إطار محاولة الاستيلاء على المصليات داخل المسجد الأقصى وتحويلها إلى معابد يهودية لتكون بذلك قد حققت تقسيم المسجد الأقصى مكانيا، لافتة إلى أن هذه الاقتحامات “تأتي ضمن خطة صهيونية ممنهجة لتغيير الواقع الجغرافي والديني في المدينة المقدسة بدعم أمريكي وتواطؤ دولي وصمت عربي وإسلامي واضح”، وطالبت السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال، ووقف ملاحقة المقاومين الفلسطينيين.
كما طالبت الأردن ملكا وبرلماناً وحكومة وشعبا بصفته له الوصاية الدينية على الأقصى لـ القيام بالواجب المطلوب منهم للدفاع عن الأقصى، وإجبار المحتل على وقف تدنيسه وتهويده.
وتنديدا بالمسيرة الاستيطانية، وإلى جانب تفعيل أدوات المقاومة الخشنة، دعت الفصائل الفلسطينية إلى تنظيم مسيرات غضب شعبي في كافة مناطق القطاع، للتعبير عن رفض الاستفزاز والعدوان المتواصل على القدس والأقصى.
وإلى جانب دعوتها للجماهير بالمشاركة في الفعاليات المنددة بالمسيرة، وبضرورة التصدي لها، وشد الرحال للقدس، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن المسيرة عمل استفزازي وتصعيد خطير يمس بأقدس مقدساتنا، وعدوانٌ يستهدف العرب والمسلمين.
وقالت: الشعب الفلسطيني كله موحدٌ في معركة الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، وهو مستعد في كل وقت للمواجهة الشاملة، داعية هي الأخرى للنفير العام، وأكدت أن المقاومة الفلسطينية في كل مكان، على أتم استعداد وجاهزية لمواجهة أي عدوان والرد عليه بكل قوة وثبات.
كما حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من التداعيات الخطيرة لإصرار الاحتلال على تنظيم “مسيرة الأعلام”، وقالت إنها لا تُمثّل استفزازاً لشعبنا فحسب، بل لما تَحمله من عوامل تفجير لن تقتصر على الأراضي المحتلة، بل ارتداداتها ستكون خطيرة على المنطقة.
وقالت إن المقاومة متأهبة وتتابع عن كثب مجريات هذا العدوان الجديد على مقدساتنا ومدينة القدس، وهي أكثر إصراراً على مواصلة الدفاع عن المقدسات وإفشال هذا المخطط الصهيوني بكل الوسائل المتاحة، فقد كانت خاضت معركة “سيف القدس” من أجل القدس، وهي مستعدة لتخوض هذه المعركة.
ووجهت الجبهة رسالة عاجلة إلى المجتمع الدولي، الصامت على استمرار جرائم الاحتلال واعتداءات المستوطنين بحق شعبنا، بضرورة لجم عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني “قبل فقدان السيطرة”، وحذرت من امتداد النيران بسرعة لتشعل المنطقة بأكملها.
وقال المجلس الوطني الفلسطيني إن الإصرار على تنظيم “مسيرة الأعلام” الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة، يعد دعوة لاستمرار الاضطهاد والإرهاب والعدوان على الشعب الفلسطيني في المدينة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، محملا حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة، بموجب مسؤولياتها القانونية كقوة احتلال، عن كافة التداعيات التي قد تنتج عن هذه المسيرة، بما في ذلك الاعتداءات على أبناء شعبنا في مدينة القدس وسلامة أرواحهم وممتلكاتهم.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انطلقت حملة إلكترونية كبيرة، تحت عنوان “فلسطين تنتفض”، حيث علق المشاركون خلالها بتدوينات تؤكد على عروبة القدس، وزيف رواية الاحتلال، كما شارك نشطاء في الحملة لنشر صور لمدينة القدس، وأعلام فلسطين، كما أشاد آخرون بالمقاومة القادرة على ردع الاحتلال ووقف مخططاته.