قصة الطيار الباكستاني الذي أسقط 3 طائرات للاحتلال الإسرائيلي في حرب 1967
رغم الهزيمة المهينة التي تلقاها العرب في حرب 1667 ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي -في الخامس من حزيران/ يونيو- الذي استطاع احتلال الضفة الغربية والقدس وهضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية، إلا أنها تحمل ذكريات لبطولات القوات الجوية لدولة باكستان التي لم يكن لها دور مباشر في الصراع.
بمناسبة الذكرى الـ54 لهذا الحدث الذي غير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، لا يزال العرب يتذكرون بطولات طيارين من سلاح الجو الباكستاني (PAF) أسقطوا عدة طائرات إسرائيلية، منها طائرات من طراز ميراج و ميستريس و فاوتور، دون أن يخسروا أيا من طائراتهم.
سيف عزام، الطيار المقاتل الباكستاني من أصل بنغالي، الذي توفي في حزيران/ يونيو من العام الماضي، أسقط بمفرده ثلاث طائرات مقاتلة إسرائيلية خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحرب.
ووفقًا للعميد الجوي المتقاعد كايزر طفيل، مؤلف ثلاثة كتب عن تاريخ القوات الجوية الباكستانية، فإن تلك القوات أسقطت ثلاث طائرات إسرائيلية، جميعها بواسطة ملازم طيران سيف عزام بين 5 و7 يونيو 1967.
وأضاف: ليس صحيحًا أن الطيارين الباكستانيين أسقطوا 10 طائرات إسرائيلية في حرب 1967، في الواقع، كانت ثلاث طائرات فقط في عام 1967، وواحدة أخرى في عام 1974 في سوريا على يد العميد الجوي المتقاعد عبد الستار علوي.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1966، أرسلت القوات الجوية الباكستانية إلى الأردن عددًا من الطيارين للقيام بشكل أساسي بدور تدريبي واستشاري لطياري سلاح الجو الملكي الأردني.
وقال طفيل، الذي خدم في القوات الجوية الباكستانية من 1973 إلى 2005، إنه عندما اندلعت الحرب في 5 حزيران/ يونيو 1967، كان طياران من القوات الجوية الباكستانية، ملازم طيران سيف عزام والملازم ساروار شاد يخدمان مع سلاح الجو الملكي الأردني.
وأضاف: على الرغم من أنهم أرسلوا فقط لتدريب طياري سلاح الجو الأردني، إلا أن الحكومة الباكستانية سمحت لهم بأداء واجبات الدفاع الجوي عند اندلاع الحرب، مؤكداً أن عزام شارك فعليًا في الحرب، بينما كان زميله يرقد في المستشفى.
مهمة إنقاذ
سَيُسَجّل عزام في التاريخ على أنه الطيار الوحيد الذي قاد طائرات مقاتلة لأربع دول -الأردن والعراق وباكستان وبنغلادش- كما أنه يحمل سجلاً فريدًا في تدمير طائرات مقاتلة لقوات جوية للهند وإسرائيل.
أثناء تحليقه بطائرة هوكر هنتر ذات المقعد الواحد، أسقط عزام في الأردن طائرة مقاتلة قاذفة قنابل من طراز داسو ميستير. وفي اليوم التالي عندما تم نقله إلى قاعدة جوية عراقية، أسقط طائرتين مقاتلتين إسرائيليتين من أحدث طراز “فاوتور 2A” و”داسولت ميراج 3″.
ويقول الخبراء إنه بسبب “عين النسر” التي يمتلكها عزام، تم إنقاذ القواعد الجوية العراقية والأردنية من مواجهة مصير القوات الجوية المصرية التي دمرها الإسرائيليون.
وتقديراً لمساهماته البطولية، فقد مُنح عزام جوائز عسكرية من الأردن والعراق.
صراع التكنولوجيا
وصف المارشال الجوي المتقاعد، أمجد حسين خان، حرب 1967 بأنها صدام بين التكنولوجيا الأمريكية الحديثة والتكنولوجيا الروسية التي عفا عليها الزمن، والتي أدت في النهاية إلى انتصار إسرائيل.
وقال خان إن طيارين باكستانيين أشرفوا على تدريب سلاح الجو الملكي الأردني على أسلوب الحرب البريطاني، بينما تم تدريب القوات الجوية المصرية والسورية على التكتيكات السوفييتية التي عفا عليها الزمن. كما تلقى الطيارون الإسرائيليون تدريبات وطائرات من الولايات المتحدة، وكلاهما كان أحدث مما لدى الاتحاد السوفييتي.
عمل خان في العراق من عام 1967 إلى 1970 على إنشاء مدرسة لقادة المقاتلين لتدريب كبار طياري القوات الجوية العراقية وسلاح الجو الملكي الأردني.
وشارك خان لاحقًا في قيادة فرقة من الطيارين الباكستانيين في حرب أكتوبر (رمضان) عام 1973 ضد إسرائيل.
وأشار خان إلى أن العامل الرئيسي الذي أحدث فارقًا في الحرب هو القوة الجوية الإسرائيلية القائمة على التدريب والتكنولوجيا الأمريكية، مضيفًا أن سلاح الدفاع الجوي الإسرائيلي كان منظمًا بشكل جيد جدًا مقارنةً بالسوري والمصري اللذين لم يكن لديهما تنسيق مع القوات البرية.
وقال طفيل مؤيداً لوجهة نظر خان، إن الجيوش العربية والقوات الجوية لم تكن تضاهي الإسرائيلية لأن القوات المصرية والسورية تدربت على تكتيكات سوفييتية عفا عليها الزمن.
ذكرى رمزية
يتذكر العرب في الشرق الأوسط أداء عزام المتميز عام 1967، حيث أبقت مهاراته الاستثنائية ومناوراته القوات الجوية الإسرائيلية في مأزق.
ومع ذلك، وبحسب طفيل، فإن إسقاط الطائرات الإسرائيلية لم يكن مفيداً جداً بسبب التدمير “الكامل” للقوات الجوية العربية، بالإضافة إلى غياب الدعم الأرضي.
ويرى طفيل، مؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا “ضد كل الاحتمالات” أن تصرفات عزام الشجاعة، للأسف، كانت مجرد أعمال رمزية مقارنة بالنتائج النهائية للحرب.
وأكد أنه لم يكن هناك أي حديث حول الدعم الأرضي حيث إن القوات الجوية للدول الثلاث تعرضت لتقويض كامل من قبل القوات الجوية الإسرائيلية في اليوم الأول، أي في الخامس من حزيران/ يونيو 1967.
ونوه إلى أن الدعم الأرضي كان من الممكن أن يكون حاسما لو أسقط الطيارون الباكستانيون 30 طائرة إسرائيلية على الأقل، ولو تمكنت القوات الجوية والعسكرية العربية من تقديم الدعم.
وأضاف أن الأردن لم يكن لديه سوى سرب مقاتل واحد تم تقويضه في الضربة الإسرائيلية الأولى في 6 حزيران/ يونيو، مشيرًا إلى أن جودة المعدات العسكرية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة، لم تكن تضاهي المعدات الإسرائيلية.
وأكد أن هناك سببًا آخر لهزيمة العرب وهو أن الرئيس المصري آنذاك، جمال عبد الناصر، كذب على الملك حسين (عاهل الأردن)، مدعياً أن القوات المصرية كانت في طريقها إلى تل أبيب، وهذا دفع الملك لمهاجمة إسرائيل بالتعاون مع القوات المصرية، الأمر الذي تحول إلى كارثة.
وأضاف: الحقيقة أن القوات الجوية المصرية دُمرت من قبل الإسرائيليين، والجيش المصري كان يتعرض لهجوم من الجو.
خريطة جديدة للشرق الأوسط
وقال خان إن حرب 1967 غيرت بالفعل خريطة الشرق الأوسط، وأعطت “اليد العليا” و”ورقة المساومة” لتل أبيب.
وأشار إلى أن حرب 1967 غيرت تماما السيناريو الجغرافي للشرق الأوسط في غضون ستة أيام فقط، فقد خسر العرب صحراء سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان، وتحقق تفوق إسرائيل الذي لا يزال مستمرا حتى الآن.
وقال إن تل أبيب تمكنت أيضًا من الاستفادة من انتصارها العسكري من حيث النجاح الدبلوماسي الذي أجبر الأردن ومصر على الاعتراف بها.
واختتم خان، الذي خدم في القوات الجوية الباكستانية من 1952 إلى 1988، كلامه قائلاً: لقد كانت حربًا قصيرة والعرب كانوا غير مستعدين تمامًا لذلك.