على بايدن الاختيار بين لعب دور المطبل لإسرائيل أو اللاعب الجدي والموضوعي
حذرت صحيفة “فايننشال تايمز” من أن تجاهل الولايات المتحدة الأزمة في الشرق الأوسط وعدم عمل شيء لن يؤدي إلا إلى زرع بذور دوامة العنف القادمة حتما.
وجاء في افتتاحيتها أن السلام يحتاج لدور أمريكي فاعل. وقالت إن أزمات الشرق الأوسط عادة ما تجر الإدارات الأمريكية أحبت أم كرهت. وهو ما حدث لجوزيف بايدن عندما اندلع العنف في 10 أيار/مايو بين إسرائيل وحركة حماس الجماعة الفلسطينية المتشددة في غزة مما أدى لعاصفة من الاضطرابات التي انتشرت إلى داخل البلدات المختلطة في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة.
ويواجه الرئيس الأمريكي مشاكل احتواء فيروس كورونا وفي الخارج يركز على الصين وروسيا كأساسيين لسياسته الخارجية. وأعلن عن دعمه لإسرائيل قائلا إنه لم “ير أي ردة فعل مبالغ فيها” من “الدولة اليهودية”، وحتى في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأمريكية الصنع تقصف غزة ووقفت إدارته أمام جهود مجلس الأمن للدعوة إلى وقف إطلاق النار وتخفيض العنف.
وتغير الموقف الأمريكي عندما دمر الطيران الإسرائيلي برجا تعمل من داخله وكالة أنباء أسوسيتدبرس الأمريكية. وفقط عندما أثار التفجير ردود فعل سلبية وتعرض لضغوط من داخل حزبه بسبب موقفه الداعم لإسرائيل، غير بايدن موقفه ودعا إلى وقف إطلاق النار.
وكانت الدبلوماسية الأمريكية النشطة ضرورية بعد 11 يوما من النزاع الذي قتل فيه 254 شخصا في غزة معظمهم من الأطفال والنساء. وقتلت صواريخ حماس 13 إسرائيليا منهم طفلان.
وزار وزير الخارجية أنتوني بلينكن المنطقة وقام بتغيير عدد من سياسات ترامب المتهورة والمؤيدة لإسرائيل. وضمت الخطوات الجديدة زيادة الجهود لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس لكي تكون بمثابة قناة اتصال دبلوماسية مع الفلسطينيين. وأعلن عن زيادة في المساعدات للفلسطينيين منها 5.5 مليون دولار لقطاع غزة الفقير.
ولكن الصحيفة ترى أن هناك جهودا أخرى يجب عملها، فقد يكون وقف إطلاق النار قد انتهى ولكنه لن ينهي دوامة العنف. ولن تنتهي إلا عندما لا يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال وتتوقف غزة عن أن تكون مثل السجن المفتوح ولا يتعرض الفلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية للتمييز. وترى الصحيفة أن الولايات المتحدة التي تعتبر الحليف الرئيسي لإسرائيل عليها واجب أخلاقي لمحاسبة “الدولة اليهودية” على أفعالها. ويجب والحالة هذه أن تستخدم نفوذها كي توقف سوء معاملة الفلسطينيين، سواء عبر عمليات الطرد من المنازل أو توسيع الاستيطان أو مضايقة الفلسطينيين تحت الاحتلال الذين يعانون منها على يد الجيش والمستوطنين. ولو قامت أمريكا بواجبها فتكون قد وضعت الأسس لإحياء عملية سلام متساوية على أمل تحقيق تسوية عادلة. وعدم فعل شيء يعني زرع بذور العنف القادم حتما، في داخل الأراضي المحتلة أو داخل إسرائيل أو كلاهما.
ولن يخدم العناد إلا مصالح جماعات مثل حركة حماس التي تستغل انتهاكات إسرائيل لتقوية الدعم لها وتبرير تشددها في وقت تقوم فيه بإسكات الأصوات المعتدلة. وعلى واشنطن الضغط على السلطة الوطنية ورئيسها محمود عباس لعقد الانتخابات ومنح الفلسطينيين الفرصة لانتخاب حكومة ممثلة. وكان قرار عباس في الشهر الماضي إلغاء أول انتخابات منذ 16 عاما قرارا خاطئا ومدفوعا للحفاظ على نفسه. ويجب على الفلسطينيين ترتيب بيتهم الداخلي وتقديم شريك يوثق به يتعامل مع الولايات المتحدة وغيرها. ويجب ألا يكون فشل الفلسطينيين سببا في حرف الولايات المتحدة نظرها عن الاستعمار الزاحف للأراضي المحتلة وانتهاك حقوق الفلسطينيين.
ويجب على بايدن الذي وصف نفسه بالصهيوني التعامل مع الأزمة. وخيار الولايات المتحدة هو: إما الظهور بمظهر المصفق لإسرائيل في نزاع يغلي أو أن تكون لاعبا جديا موضوعيا.