تعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات الليبية يثير جدلاً واسعاً يرافقه غضب أوسع
مطالبات تصاعدت من قوات عملية بركان الغضب في ليبيا عقب غضب تولد من قرار الحكومة بتعيين رئيس لجهاز المخابرات الليبية، باسم يدور حوله الجدل كونه أحد الداعمين لحفتر، فضلاً عن تصريحات وزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش التي صاعدت الغضب بشكل أكبر.
أعلن المجلس الرئاسي الليبي، الخميس، تكليف حسين محمد خليفة العائب، بمهام رئيس جهاز المخابرات في البلاد خلفاً لعماد الطرابلسي، الذي عينه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني سابقاً.
العائب وصف لسنوات بأنه مقرب من شخص اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ما أثار الغضب والتحفظات، رغم تأكيد العديد من المتتبعين والمحللين السياسيين بأن هذا القرار جاء لإعادة التوازن في القوى السياسية ولترضية أطراف بعينها، لضمان استقرار الأوضاع. تاريخ العائب كان المسبب الرئيسي للرفض، حيث قام حفتر سابقاً بترشيح ذات الشخصية لذات المنصب سنة 2015 أمام مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح وتم رفضه، كما اتهم بكونه أحد ضباط التصفية الجسدية في جهاز الأمن الخارجي في عهد القذافي، وأنه قام بتشكيل عصابة مسلحة من مجرمي المخدرات وشارك في عمليات الخطف والابتزاز وطلب فدية.
لم يكن تعيين العائب فقط ما أثار الغضب وردود الفعل، بل دعمه تصريحات وزيرة خارجية الحكومة نجلاء المنقوش، بإخراج من وصفتهم بالمرتزقة الأتراك بعد دورهم المفصلي في معركة الوفاق ضد حفتر الذي كاد يدخل العاصمة حتى انقلبت الموازين بدخول تركيا، التي تربطها مع ليبيا اتفاقية شرعية.
مقاطع فيديو انتشرت لوزيرة الخارجية الليبية أثناء دخول حفتر للعاصمة، توضح دعمها له وتبريرها لدخوله، ضمن حملة نظمت ضدها عقب تصريحاتها المثيرة للجدل، رافقتها موجة مطالبات وصلت حد إقالتها. وعقب صدور قرار تعيين العائب وتصريحات المنقوش، دعت قوات بركان الغضب إلى اجتماع لوضع حد لتصرفات الحكومة، على حد قولها، عقدته قبل يومين.
وقال المتحدث باسم المركز الإعلامي لقوات بركان الغضب، عبد المالك المدني، إن إجتماع قادة بركان الغضب كانت نتائجه واضحة جداً، وهي الوقوف صفاً واحداً وإعلان حالة النفير القصوى تأهباً لأي طارئ. وأضاف المدني أن المجتمعين قد اتفقوا على ضرورة إيضاح استمرارية وجود قوات بركان الغضب في الميدان لحكومة الوحدة الوطنية، قائلاً إنه لن يسمح بالتخاذل وبيع التضحيات كما يحدث الآن من انبطاح وقرارات عشوائية.
وختم بأنه سيتم تشكيل قوة كبيرة من أبرز مقاتلي عملية بركان الغضب ليكونوا جاهزين لوضع حد للمهازل الموجودة والتي قد تسبب في هجوم جديد من الغزاة، على حد قوله.
كما أعلن المدني، الجمعة، أن هناك اجتماعاً سيجمع قادة بركان الغضب مع رئاسة المجلس الرئاسي، موضحاً أن الاجتماع سيتضمن التشاور على كل المواضيع المطروحة والتصريحات والقرارت التي وصفها بالمستفزة التي صدرت مؤخراً من قبل الحكومة والرئاسي.
القائد الميداني محمد الحصان، قال إن الحكومة التي مفترض بأنها حكومة وحدة وطنية رضخت لحفتر لأنه يُلقي بخصومه وكل من يُعارضه جثـثاً في الشارع، على حد قوله.
وأضاف أن الحكومة قد استبعدت قوات بركان الغضب، وفرضت شخصيات ليست فقط جدلية بل متورطة في دعم العدوان على طرابلس، على حد وصفه، قائلاً: سنُسمع للحكومة صوتنا الذي لم تلتفت له، وسترى على الأرض القوة التي حمت طرابلس ودافعت عنها. أصوات عقب الجدل نادت بترحيل مقر الحكومة من مدينة طرابلس إلى سرت التي تتمركز فيها قوات الفاغنر التابعة لحفتر، وقد قوبلت هذه النداءات برفض شديد وجدل على مستوى واسع. المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، قال تعليقاً على المطالبات بنقل مقر الحكومة إلى سرت: لا أحد يستطيع أن ينكر وجود الميليشيات في كل أرجاء ليبيا وبنسب متفاوتة، ورأينا هذا بوضوح في الأيام الماضية من خلال التهديدات العلنية والصريحة الصادرة من البعض المدفوعين دفعاً من خلف الستار ضد رئيس الحكومة نفسه من مناطق أخرى أفضت إلى منع رئيس الحكومة من زيارة ثاني أكبر مدينة ليبية، مهما سوقت من مبررات عن عدم تنسيق وغيرها من المبررات.
وتابع فركاش: هذا يجعل رحيل السلطة التنفيذية إلى مكان آخر هو مجرد ترحيل مؤقت لا يحل جذور الأزمة، إلا إذا تم ضمان إنشاء “منطقة خضراء” مؤمنة من قبل قوات محايدة ليبية تنتقل لها السلطة التنفيذية ومؤسساتها، و”الحياد” للأسف، في هذا الجو الاستقطابي مفقود.
وأضاف أن الخيار الآخر وهو تكرار سيناريو العراق وإنشاء “منطقة خضراء تؤمنها قوات أجنبية تحت إشراف الأمم المتحدة لتصبح السلطة التنفيذية شبه معزولة عن الشعب وعن البلاد، وهذا طبعاً يتنافى مع مفهوم “السيادة الوطنية” الذي ينادي بتحقيقه الجميع ويتكلمون علناً عن خروج القوات التي يعتبرونها “معادية” أو لا تخدم مصالحهم وأجنداتهم ويتناسون انتقائياً باقي المرتزقة والقوات الأجنبية.
وبين مطالبات تصاعدت للإقالة ونقل مقر الحكومة، وتهديدات من قوات بركان الغضب، ومحاولة الحكومة ترضية كافة الأطراف لتمارس دورها الطبيعي في توحيد ليبيا، تتصاعد الحاجة إلى تهدئة الأوضاع والانشغال بالتجهيز للانتخابات القادمة، التي بدورها ستنهي كافة المشاكل القائمة.