مؤشرات تدل على قرب إقصاء حفتر من المشهد الليبي.. ورق حمام وانتهوا منه
في حديث صريح وجريء من رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، ها هو يعلن رسمياً وبشكل علني، عدم اعترافه بخليفة حفتر كطرف له وجود في المنطقة الشرقية من ليبيا، رغم كل محاولاته لإخضاعه له، مع فارق القوى والسلطة.
ولم يكن الدبيبة الوحيد الذي أخرج حفتر من معادلة الفترة الراهنة والمقبلة، بل خرجت القاعدة الدستورية التي أعدتها اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي، مفصلة في شروط الترشح رفض حفتر.
القاعدة الدستورية
تضمنت شروط الترشح في القاعدة الدستورية التي قدمها المبعوث الأممي يان كوبيتش، الثلاثاء، وجوب أن لا يحمل المترشح للانتخابات أي جنسية أخرى، وهو ما لا ينطبق على حفتر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، فضلاً عن وجوب أن لا يكون المترشح متهماً في أي قضايا تتضمن انتهاكات لحقوق الإنسان، وبها خرج حفتر من المعادلة كلياً.
وقد شهد كافة المحللين والمتابعين للشأن الليبي سعي حفتر الواضح لإظهار نفسه كمترشح مناسب للانتخابات المقبلة، متخذين خلعه للزي العسكري وتوشحه بالزي المدني في عدد من المحافل كدليل واضح وصريح على عزمه الترشح.
بدأ حفتر خلال الفترة الماضية رسمياً في الترويج لحملته الانتخابية التي تضمنت سلسلة من اللقاءات الرسمية، أبرزها لقاؤه بأسر ضحايا الحرب في المنطقة الشرقية فضلاً عن الأعيان والمشائخ، إضافة إلى الوعود التي أطلقها ببناء مقسمات سكنية ووحدات ومدن بتكاليف ضخمة.
القاعدة الدستورية، تضمنت بنوداً واضحة لإخراجه من المشهد في الفترة المقبلة، وإحباطاً لمساعيه للترشح للانتخابات أو حتى تقديم أحد أولاده كمترشح مناسب، ما طرح مجموعة من التساؤلات حول البدائل التي وضعها حفتر، وهو الذي اعتاد أن يحمل في جعبته الكثير منها.
فعلى الأرض واقعياً، لم يتوقف حفتر عن التحشيد واستجلاب المرتزقة، وذلك بناء على تقارير دولية ورصد من غرف عمليات بركان الغضب وسرت والجفرة، التي أكدت وبشكل مستمر، هبوط طائرات شحن، وتحشيد أرتال وتجمعات للمرتزقة، ما أوضح سعي حفتر للاحتفاظ بالحل العسكري كبديل مضمون يصل به لغايته حال لم تمكنه الديمقراطية التي لم يعتد عليها من الوصول.
تصريحات الدبيبة
أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، في مقابلة تلفزيونية، أنه لا ينسق مع حفتر نهائياً في مدينة بنغازي والمنطقة الشرقية بشكل عام، بل إن تواصل الحكومة يقتصر على عمداء البلديات والشرطة، ما أكد أن حفتر ليس في الخارطة التي يضعها الدبيبة نصب عينه على الأرض.
وتعليقاً على منعه من زيارة المنطقة الشرقية، أكد الدبيبة تمسكه بذلك، وأن التنسيق اللوجستي للزيارة الماضية لم يكن مناسباً، وأن الحكومة ستعمل على التنسيق لزيارة أخرى قريبة، وهو ما يشكل تحدياً يطلقه الدبيبة أيضاً مع حفتر.
ورغم الرفض والاستنكار من أطراف حفتر للاتفاقية التركية، أكد الدبيبة خلال مقابلته أن الاتفاقية وضعت لخدمة الليبيين، وأن الحكومة لن تفرط فيها، وذلك في تعليقه على رفض اليونان لها، متمسكاً بالحليف التركي القوي لليبيا.
وشكل توحيد المؤسسة العسكرية تحدياً كبيراً أمام الدبيبة، وقال إنهم تمكنوا من توحيد 80% من المؤسسات في ليبيا، وأنهم الآن يعملون على وضع النواة لتوحيد المؤسسة العسكرية من خلال العمل مع اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 .
تصريحات رئيس حكومة الوحدة الوطنية أكدت وبشكل قطعي أنه أخرج حفتر من معادلة الفترة الراهنة والانتقالية، والقاعدة الدستورية أوضحت أنها أخرجته من الفترة الدائمة التي ستلي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
زيارة وفد المنطقة الشرقية
عقب منع وفد حكومة الوحدة الوطنية من الدخول إلى طرابلس بحجج لا معنى لها، فوجئ المتتبعون للشأن الليبي بتوجه وفد من أهم وأبرز أعيان المنطقة الشرقية إلى طرابلس للقاء الدبيبة في تفاد واضح لحفتر.
اللافت والأهم أن أعيان المنطقة الشرقية الذين كانوا من أبرز الداعمين لحفتر والمهللين له كانوا من ضمن هذا الوفد، وقد أصروا على قيام الدبيبة بزيارة بنغازي وتفقدها.
أمام وفد المنطقة الشرقية، أكد الدبيبة على وجوب المصالحة وانهاء الانقسامات والحروب والقضاء على الدمار، واصفاً زيارة الوفد بالتاريخية، موضحاً أن الأبواب مفتوحة أمامهم للتجول في كل مدن المنطقة الغربية.
وقد دخل هذا الوفد للعاصمة طرابلس بدون أي ممانعة من أي قوة موجودة على الأرض، بل قوبل بترحيب كبير، ما يؤكد الرغبة في المصالحة ونبذ الصراعات وتناسيها، وفتح صفحة جديدة في تاريخ ليبيا.
بدءاً بالقاعدة الدستورية التي فصلت لمنع وجود حفتر، وصولاً إلى كلمات الدبيبة المهمة والخطيرة في لقائه التلفزيوني، ثم انتقالاً إلى قدوم الوفد من المنطقة الشرقية متفادياً ما صنعه حفتر من رفض لوجود رئيس حكومة الوحدة الوطنية في المدينة، كلها مؤشرات مجتمعة تدل على أن حفتر بات يقصى من المعادلة بشكل تدريجي من قبل داعميه بالدرجة الأولى، ومن قبل الأطراف الدولية والقوى المحركة للشأن الليبي.
هذا الإقصاء أصبح يثير جدلاً ويفرض تساؤلات حول الخطط البديلة التي يضعها حفتر، خاصة في ظل التحشيدات العسكرية واستجلاب المرتزقة والتحفظ على إبقائها على الساحة، ورفض فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق ليبيا وغربها.