حركة نزوح واسعة إلى أطراف مقديشو هربا من القتال بين الحكومة والمعارضة
بدأ سكان بعض أحياء مقديشو النزوح صباح اليوم من منازلهم خوفا من تجدد الاشتباكات بين القوات الحكومية وأنصار المعارضة، في حين تتوالى دعوات المجتمع الدولي للأطراف الصومالية لضبط النفس وحل خلافاتهم بالحوار.
ورصدت الجزيرة نت حركة نشطة بين مواطنين في حيي هودن وهولوداج (جنوبي مقديشو)، حيث يحملون على عجل ما خف من أمتعتهم سيرا على الأقدام أو على سيارات، متوجهين إلى مناطق في أطراف مقديشو، التي يرونها آمنة، فيما لا يعرف بعضهم الوجهة التي يلجؤون إليها.
عائشة محمد علي واحدة ممن يخلون منازلهم خوفا من وقوع القتال في حيهم، وتقول إنها عادت مؤخرا من المهجر للعيش في مقديشو، لكنها تفاجأت بتوتر أمني قد ينذر بمواجهة وشيكة بين القوات الحكومية والمعارضة في مديريتهم، مما أثار الهلع والخوف في نفوسهم، فلم يجدوا خيارا أمامهم سوى النزوح.
وتقول عائشة -في حديث للجزيرة: إن السياسيين الصوماليين حكومة ومعارضة يتحملون مسؤولية معاناتهم، ومعاناة آلاف الأسر المجبرة على النزوح، والحل لا يزال بأيديهم للاتفاق على حل ينقذ البلاد”.
ويقول نازح آخر للجزيرة نت إن قوة من أنصار المعارضة تمركزت في وقت متأخر الليلة الماضية بمنطقتهم، وأقامت فيها تحصينات وسواتر ترابية استعدادا لهجوم قد يأتيهم من قبل القوات الحكومية، لذلك شعروا بأن هناك خطرا كبيرا قادما، ويخشى أن تصبح منطقتهم مسرحا للمواجهات بين الطرفين.
اشتباكات واتهامات
وانفجرت الأحد الماضي اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية وأنصار كل من الرئيس الصومالي السابق حسن الشيخ محمود والمرشح الرئاسي عبد الرحمن عبد الشكور، واتهم المسؤولان قوات الأمن الحكومية بمهاجمة مقري إقامتهما بشمال وجنوب مقديشو بهدف قتلهما.
ويوجه الشيخ محمود وعبد الشكور الاتهام للرئيس محمد عبد الله فرماجو بالوقوف وراء ذلك الهجوم، وأنه يتحمل العواقب المترتبة على هذا الفعل. وعلى عكس ذلك، فإن الرواية الحكومية أشارت إلى أن قوات الأمن الحكومية اشتبكت مع من وصفتهم بعناصر متورطين في زعزعة استقرار مقديشو لضبط الأمن والمحافظة على استقرارها.
فشل مسار الانتخابات
هذا الصراع كان متوقعا بعد أن تعثر المسار الانتخابي في البلاد عدة مرات، وبدأ من تعذر تنظيم الانتخابات عبر تصويت شعبي مباشر كان مقررا في 2020، ثم اتفقت الحكومة الفدرالية والولايات على إجراء انتخابات بديلة وغير مباشرة في 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
إلا أن تنفيذ هذا الاتفاق واجه صعوبة كبيرة بعد بروز خلافات استعصت على الحل بين القوى السياسية، ودخلت في مشاورات ماراثونية، انتهى آخرها بالفشل مطلع الشهر الجاري، واتهمت الحكومة رئيسي بونتلاند وجوبالاند بمسؤولية الفشل، في حين حمّل الرئيسان والمعارضة المسؤولية للرئيس الصومالي فرماجو.
وأخيرا، جاء قرار مجلس الشعب الصومالي يوم 12 أبريل/نيسان الجاري بتمديد ولاية المؤسسات الدستورية عامين، الذي قوبل بالرفض من قبل المعارضة الصومالية والمجتمع الدولي؛ باعتباره خطوة تقسم البلاد، وهو ما أدى إلى تفجير الصراع الأخير.
دعوات للتهدئة
وفي سبيل تهدئة الوضع المحتقن، ومنعا لتجدد المواجهات؛ دعا رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلة مساء أمس إلى وقف إطلاق النار، وعقد اجتماع طارئ يحضره أعيان وسياسيو مقديشو، للبحث عن مخرج للأزمة الأمنية الحالية.
في حين برر وزير الداخلية حسن حندبي جمعالي مواجهة قوات المعارضة بذريعة أن عناصر من تنظيمي “القاعدة” و”داعش” (تنظيم الدولة الإسلامية) ينشطون تحت ستار المعارضة، وقال إن “مساعي رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلة لاحتواء التوتر لا تجدي في التعامل مع تلك العناصر”.
في المقابل، اتهم المرشح الرئاسي عبد الرحمن عبد الشكور اليوم الرئيس الصومالي فرماجو بإرسال قوات إلى المناطق السكنية، الأمر الذي وصفه بالمؤسف وشرعنة قرار التمديد.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الاحتقان والتوتر في مقديشو، فإن دعوات التهدئة من المجتمع الدولي تتوالى، وكان آخرها من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي عبر عن قلقه من اشتباكات يوم الأحد، وجدد دعوته للشركاء السياسيين للامتناع عن المزيد من العنف وحل خلافاتهم عبر الحوار، كما دعا الأطراف السياسية الصومالية إلى العودة للحوار بأسرع وقت، والتوصل إلى تسوية على أساس اتفاق 17 سبتمبر/أيلول وتفاهمات بيدوا.