رحيل ديبي يفاقم فشل إستراتيجية ماكرون العسكرية بمنطقة الساحل الأفريقي
يقول الكاتب في صحيفة غارديان (The Guardisn) البريطانية سيمون تيسدال إن إستراتيجية الغرب، التي تقودها فرنسا وتقوم على الحلول العسكرية لأزمة منطقة الساحل، ستزعزع المنطقة أكثر مع وفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي.
وتوقع تيسدال في مقال له بالصحيفة أن تصبح منطقة الساحل، التي وصفها بأنها المنطقة التي تصطدم فيها أصعب التحديات في العالم، قريبا مشكلة للجميع.
ووصف الكاتب هذه المنطقة بأنها جهنم على الأرض، نظرا لتآمر عوامل عديدة منها الحوكمة غير الديمقراطية والفاسدة والقمعية، وبقايا الحقبة الاستعمارية، والتدخل الخارجي، والتدهور البيئي، وتغير المناخ، وفيروس كوفيد-19 غير الخاضع للرقابة، والفقر وسوء التغذية، والصراعات، وحالات الطوارئ للاجئين، والهجرات الفوضوية نحو الشمال.
صفقة ماكرون مع ديبي
وقال إن إستراتيجية فرنسا العسكرية في الساحل اعتمدت على دكتاتور تشاد إدريس ديبي كثيرا مقابل التغاضي عن فساده وسوء حكمه، موضحا أن الصفقة الأساسية لماكرون مع ديبي والسارية منذ 2012-2013، عندما استولى “الجهاديون” على مناطق واسعة من شمال مالي، كانت بسيطة: مقابل مساعدة ديبي في العمليات ضد تنظيم القاعدة و”المتطرفين” المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية، وإمداد قوات حفظ السلام في مالي والمساعدة في محاربة بوكو حرام في حوض بحيرة تشاد، أن تغض الطرف عن عمليات النهب التي يقوم بها ديبي.
وأعاد ماكرون التأكيد على هذا الترتيب في قمة افتراضية في فبراير/شباط الماضي مع قادة مجموعة دول الساحل الخمس (تشاد والنيجر ومالي وموريتانيا وبوركينا فاسو)، إذ عزز الإستراتيجية العسكرية الحالية المناهضة “للجهاديين”، وتعهد بالحفاظ على مستويات القوات الفرنسية، ورحب بالمساهمات المتواضعة من القوات البريطانية والأوروبية، وحذر من العواقب الوخيمة في حالة فشل مهمة فرنسا التي يفترض أنها من “أعمال الإحسان”.
ماكرون أمام تحديات الوضع بتشاد
وبرحيل ديبي المفاجئ، يقول تيسدال إن إستراتيجية ماكرون تواجه تحديا كبيرا، مع احتمال فشله في السيطرة على الوضع في تشاد الذي يحمل بين طياته احتمال اندلاع حرب أهلية بين القوى المتصارعة هناك.
وقال تيسدال إن الانتقادات القائلة بأن التركيز المفرط على الحلول العسكرية، وليس تعزيز الديمقراطية، والتخفيف من حدة الفقر وبناء الدولة، وُجهت أيضا إلى الولايات المتحدة، التي تحتفظ بقاعدتين عسكريتين في النيجر، إحداهما تديرها وكالة المخابرات المركزية “سي آي إيه” (CIA) ومجهزة بطائرات مسيرة مسلحة.
وأشار الكاتب إلى العديد من التقارير التي تقول بفشل الإستراتيجيات الغربية في منطقة الساحل في معالجة “التوترات العميقة الجذور والمعقدة” التي تقودها حركات التمرد.
نداء لتغيير المسار العسكري
واستشهد بتقرير جديد وصفه بـ”المهين” صادر عن مجموعة الأزمات الدولية يحذر بصراحة من خسارة معركة الساحل، إذ يقول “إستراتيجية الاستقرار في منطقة الساحل، التي تقودها فرنسا، تتعثر وسط تصاعد أعمال القتل الطائفي والتشدد الجهادي، فضلا عن تآكل ثقة الجمهور في حكومات المنطقة”.
وتابع التقرير أن منطقة الساحل تواجه “أزمة عميقة”، ودعا إلى سرعة تصحيح المسار مع إعطاء الأولوية لاستثمار كبير في الأمن والتنمية، والحوكمة الرشيدة.
ومع ذلك، يقول تيسدال إن صانعي السياسة الغربيين حتى إذا انتبهوا لنداء مجموعة الأزمات الدولية، فقد كُتب هذا النداء قبل انهيار تشاد، محور الأمن الإقليمي و”مفترق طرق أفريقيا”، مع زحف المتمردين على نجامينا، الأمر الذي يعني أن إنقاذ الساحل أصبح أكثر صعوبة بما لا يقاس.