قبل 106 أعوام.. عصابات أرمنية تفتك بالمسلمين
كثيرون هم الذين يتحدثون عن مزاعم ما يسمى “إبادة الأرمن” مطلع القرن العشرين على يد الدولة العثمانية، إلا أن القليل من يفطن للجرائم التي مارستها العصابة الأرمنية بحق الأتراك والأكراد المسلمين على حد سواء.
مدينة “وان” شرقي تركيا تحتفظ بالعديد من الذكريات المأساوية، التي تحكي فظاعة تلك الجرائم، وانتهاكات العصابات الأرمنية بحق البشر والحجر والتاريخ.
تمامًا في مثل هذا اليوم، في 20 نيسان/أبريل عام 1915، قامت العصابات الأرمنية المدعومة من روسيا في مدينة “وان” التي كانت ضمن أراضي الدولة العثمانية، بإطلاق النار على مخافر الشرطة ومساكن المسلمين المدنيين.
وقد أكد ذلك الباحث الأمريكي، جاستون ماكارثي، في كتابه “الطرد والإبادة” المبني على تقارير قناصل أجانب في الدولة العثمانية، نقلوا مجازر الروس وأعوانهم من الأرمن بحق المسلمين في تلك الحقبة.
وبحسب الأدلة الموثقة التي يستعرضها ماكارثي في كتابه، فإن “العصابات الأرمنية قامت بإحراق أحياء للمسلمين، وقتلت عددًا كبيرًا منهم”، تقدّرها بعض المصادر بما لا يقل عن 15 ألف مسلم، في يوم واحد.
وعلى الرغم من أن هذه العصابات كان من الأجدر بها أن تذود عن أراضي الدولة العثمانية كونها جزءًا منها، إلا أنها فضلت القتال إلى جانب روسيا ضد دولتها.
وفي ضوء تبعيتها لروسيا، نفذت تلك العصابات أفظع الجرائم بحق الأتراك والأكراد المسلمين على حد سواء، شمال شرقي الأناضول.
ومن الجدير بالذكر أن الباحث الأمريكي ماكارثي يلفت إلى أن الدولة العثمانية بعدما رأت وقوع تلك الجرائم من قبل الأرمن، وردود فعل الأهالي المسلمين ضدهم في إطار الدفاع عن النفس، رأت أنه من الأفضل أن يتم ترحيل الأرمن من شمال شرق الأناضول نحو الداخل، حفاظًا على الاستقرار ومنعًا من الاقتتال الداخلي.
وفي السياق ذاته، يشير البروفسور التركي وعضو التدريس بكلية الآداب في جامعة القرن التركية، محمد توب، إلى أن مدينة وان اشتهرت باحتضانها العديد من الأعراق والأديان، وأنة الآلاف عاشوا معًا طيلة قرون طويلة في سلام واستقرار.
ويتابع توب في تصريحات قبل جرائم العصابات الأرمنية المدعومة من روسيا، كانت جميع معالم مدينة وان واقفة تتحدى مرور الزمن، بكل ما فيه من مكونات ومساجد وكنائس وشوارع ومعالم، إلا أنها مع حلول عام 1915 واجهت نهاية مأساوية حولتها لمدينة ميتة، مختلفة تمامًا عن وان القديمة.
وأكد البروفسور التركي، إلى أن أعمال الشغب والجرائم التي قامت بها تلك العصابات، تسببت بتدمير كامل للمدينة، فضلًا عن قتل وذبح آلاف المسلمين، ومن نجي منهم وجد نفسه مضطرًا للهجرة من المدينة التي تعرضت للدمار الكامل خلال تلك الفترة.
وتابع بالقول: لدينا العديد من الخرائط العسكرية لتلك الفترة، تُظهر تدمير العصابات الأرمنية لجميع الأحياء القديمة ومعالم المدينة التاريخية، بما في ذلك القصور والمساجد والمنازل.
يُشار إلى القوميين الأرمن، تعاملوا مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.
وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.
وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.
وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء “الإبادة الأرمنية” المزعومة، في كل عام.
وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 آيار/ مايو 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.
ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى محاكمة وإعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.