كيف يروج مشايخ السيسي للتعايش مع أزمة جفاف نهر النيل؟
أطلقت السلطات المصرية العنان لأذرعها الإعلامية للتحذير من نقص المياه المرتقب بالتزامن مع فشل مفاوضات سد النهضة، وتحميل المواطنين مسؤولية الإسراف وعدم ترشيد الاستهلاك، وتجاهل إخفاق المسؤولين المصريين على مدار 10 سنوات في الخروج باتفاق يضمن حقوق مصر المائية.
وخلال اليومين الماضيين انتشرت دعوات في العديد من البرامج التلفزيونية على القنوات الفضائية الموالية للنظام تدعو المصريين إلى الاقتصاد في استخدام المياه تحسبا لأزمة شح المياه المرتقبة في البلاد، حيث تعهدت إثيوبيا بمضيها قدما في عملية الملء الثاني للسد، لا سيما من بعض من يطلق عليهم “مشايخ السيسي” أو “مشايخ السلطان”.
وفي برنامجه المذاع على إحدى الفضائيات قال الداعية وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، خالد الجندي إن مصر مقدمة على مشكلة مياه حقيقية، وإن البلاد دخلت حيز الفقر المائي والبعض ما يزال يسرف في مياه الوضوء، داعيا إلى ردم جميع حمامات السباحة.
الاقتراح الأكثر غرابة جاء من زميله أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، الذي اقترح استخدام “مناديل مبللة” في الوضوء لترشيد استخدام المياه في بلاده.
وأضاف خلال تصريحات متلفزة مع الإعلامي عمرو أديب: “أتمنى أن يقوم أحد العلماء باختراع وابتكار مناديل مبللة تصلح للوضوء، الأمر الذي سيؤدي إلى ترشيد كميات كبيرة من المياه المهدرة”.
وتفاعل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مع هذه الدعوات والاقتراحات التي تبشر بشح المياه في بلد يعتمد على مياه النيل بنسبة 97 بالمئة في الشرب والري والصناعة.
واعتبروا أن حقوق مصر المائية مسؤول عنها من يقودون البلد نحو العطش من خلال مفاوضات فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع، وليس المواطن البسيط؛ فترشيد الاستهلاك وحده لن يحل الأزمة.
شح المياه وأزمة سد النهضة
في السياق، قال الخبير في شؤون دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الدكتور خيري عمر، إن “هذا الكلام ليس بالجديد ولكن إعادته تأتي في ظل الأزمة الحالية المتعلقة بأزمة سد النهضة، وما يثار حولها من مخاوف حقيقية تتعلق بنقص المياه”.
واعتبر في حديثه لـ”عربي21″ أن “أزمة إدارة المياه في مصر بعيدا عن أزمة سد النهضة هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والشعب، ومحاولة إدراكها الآن جاءت متأخرة”، مشيرا إلى أن “البلاد تعاني من أزمة كبيرة في هدر المياه نتيجة شبكات الري والمياه المتهاكلة، والترع المكشوفة والمردومة بالقمامة، وتقاعسها عن تطوير أساليب الري”.
وأكد أن “محاولة فرض رسوم مرتفعة مقابل خدمات توصيل واستخدام المياه لن تحل الأزمة لأن إضافة تلك الرسوم على عناصر الإنتاج الزراعي سيؤدي إلى نوع من التضخم وفي النهاية سوف يتم تحميلها على السلع التي يشتريها المواطنون”.
قانون الري حبس وغرامات
وقررت السلطات المصرية مواجهة شح المياه من خلال إصدار قانون الموارد المائية والري الذي وافق عليه مجلس النواب مطلع الشهر الجاري، يتضمن عقوبات سالبة للحريات ويفرض رسوما وغرامات كبيرة على استخدام المياه للري والزراعة.
وواجه القانون انتقادات على خلفية تحميل الفلاحين أعباء مالية جديدة مقابل منحهم تراخيص تشغيل ماكينات رفع المياه التقليدية، وتحميلهم نسبة 10 بالمئة من قيمة تكاليف إنشاء أو إحلال وتجديد شبكات المصارف المغطاة، أو المصارف الحقلية المكشوفة.
من أهم ملامح القانون (131 مادة) النص على السجن كعقوبة لبعض المخالفات، مثل: زراعة الأرز في المناطق غير المُقررة لذلك، وكذلك إعاقة حركة سير المياه في نهر النيل.
مشايخ السلطان
من جهته؛ رأى السياسي والبرلماني المصري، محمد عماد صابر، أن “النظام المصري بدأ يمرر مشروع السد كأمر واقع من خلال قيام الإعلام الداخلي بتهيئة المصريين لقبول الأزمة وكيفية التعامل معها بترشيد الاستهلاك تارة، وتحميل المواطنين مسؤولية الإسراف تارة أخرى”.
وأكد في حديثه لـ”عربي21″: أن “المرحلة الراهنة سوف تشهد المزيد من الحملات الإعلامية الممنهجة، صنيعة الأجهزة المخابراتية، لتسويق الفشل في إدارة الأزمة (ملف سد النهضة) على أنها فشل في ترشيد استهلاك المياه”.
وأشار إلى أنه حان “دور مشايخ الاستبداد والتبعية من أمثال خالد الجندي وسعد الدين الهلالي ومن خلفهم مفتي الديار المصرية الحالي والسابق، ووزير الأوقاف وغيرهم في الظهور على كل وسيلة إعلامية لتبرئة النظام من مسؤولياته، وإصدار فتاوى مسيسة تخدم صورة النظام ليس أكثر.