كيف تتحدى أنقرة قبضة الكرملين القوية في آسيا الوسطى؟
في حي “لالالي” السياحي القديم بإسطنبول، تجذب آلاف الوجوه ذات الملامح المميزة التي تمزج بين التركي والآسيوي انتباه المارّة، لكن ما يشد الانتباه أكثر هي تحرُّكاتهم الروتينية المحفوظة في شوارع الحي المرصوفة بالحجارة الملونة؛ فغالبا ما يكون هؤلاء الأجانب تجارا يُكدِّسون البضائع التركية الرخيصة في صناديق، استعدادا لتحميلها على متن طائرات الشحن الرخيصة، أو ربما يختار بعضهم نقل بضائعه عبر الحافلات المارّة خلال الطرق الوعرة، من أجل توفير بعض المال.
في الحقيقة، تمتلك تركيا الكثير من المنتجات ليحملها هؤلاء التجار إلى أقاربهم في دول آسيا الوسطى في تركمانستان وكازاخستان وطاجكستان وقيرغيزستان، بما في ذلك الملابس الرخيصة، والحقائب الجلدية، وسلع صناعية أخرى ينتظرها المُتسوِّقون بشغف، لكن الروابط التي تجمع أنقرة مع هذه البلدان تتجاوز تلك العمليات التجارية البسيطة بكثير، فمن الاستثمارات التجارية العملاقة ومشروعات الطاقة الضخمة إلى الجامعات والمدارس الدينية والمؤسسات الثقافية والخدمية، أضحت مظاهر القوة الناعمة التركية بارزة في الدول التركية عِرقيا في آسيا الوسطى، مع رغبة الأتراك في توسيع بصمتهم الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية في هذه البلدان، مستفيدين من الجذور العِرقية والثقافية المشتركة، والعلاقات التاريخية الوثيقة التي تربطهم مع شعوب المنطقة.
لطالما أدركت أنقرة أهمية أن تصبح لاعبا مؤثرا في منطقة إستراتيجية يبلغ عدد سكانها الشباب أكثر من 200 مليون نسمة، ولديها ناتج محلي إجمالي مشترك يقترب من تريليونَيْ دولار، ويقودها زعماء حريصون على الانعتاق من الجلد السوفيتي العتيق، وإنشاء هوية وطنية مستقلة، وتطبيق سياسات اقتصادية مُتحرِّرة، لكن ما يجعل لهذه المنطقة أهمية خاصة بالنسبة إلى تركيا هو ارتباطها الوثيق بأمنها الطاقوي، ناهيك بالكم الهائل من التحديات السياسية والأمنية المشتركة التي تدفع الطرفين لتطوير تعاون وثيق بينهما.
على الرغم من الروابط الثقافية العميقة، واللغة، والأصل التركي المشترك، فإن قرنا من الهيمنة الروسية في المنطقة خلال الحقبة السوفيتية منع العلاقات بين تركيا ودول آسيا الوسطى من التقدُّم. وفي أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، كان هناك توقُّع بأن أنقرة يمكن أن تلعب دورا في مواجهة الروس في مناطقهم، لكن قبضة موسكو على جمهورياتها السابقة كانت لا تزال قوية للغاية، في حين كان على تركيا أن تتعامل مع مجموعة من القضايا المحلية المُلِحَّة، من المشكلات الاقتصادية إلى مكافحة التمرد، وهو ما جعلها منشغلة بما يكفي عن ممارسة الدبلوماسية النشطة خارج حدودها، رغم أن أنقرة كانت أول عاصمة تعترف باستقلال دول آسيا الوسطى.
وحتى حين بدأت تركيا في استعادة عافيتها، لم تكن مهمتها سهلة أبدا في إقامة علاقات حيوية في المنطقة بسبب استمرار المنافسة مع الروس المهيمنين، بيد أنه بعد مُضي ثلاثة عقود على سقوط الجدار الحديدي للإمبراطورية السوفيتية، تمكَّن الأتراك أخيرا من إيجاد موطئ قدم لهم باعتبارهم لاعبا صاعدا في جمهوريات آسيا الوسطى، حيث أخذت أنقرة تشق طريقها بهدوء في المنطقة مُستغِلَّة التراجع الروسي.
تزامن هذا التحوُّل مع صعود حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002، وما صاحب ذلك من تغييرات جذرية في السياسة الخارجية للبلاد شملت إعادة تقييم توجُّهاتها في آسيا الوسطى ضمن خطة أكبر لتوسيع العلاقات مع البلدان المرتبطة بروابط عِرقية وثقافية مع تركيا. وفي عام 2009، أُنشِئ “مجلس تعاون إستراتيجي رفيع المستوى” لتعزيز مصالح أنقرة في المنطقة، وذلك بعدما التقى زعماء تركيا ودول آسيا الوسطى في أذربيجان ووقَّعوا معاهدة إنشاء المجلس الذي أصبح أول تحالف طوعي للدول التركية في التاريخ.
تطوَّر هذا التوجُّه التركي تدريجيا واتخذ زخما أكبر خلال السنوات الأخيرة، بعدما أعلنت أنقرة بوضوح أنها أعطت الأولوية للعلاقات مع دول آسيا الوسطى من خلال مبادرتها الخاصة “آسيا الجديدة” المُعلَن عنها في عام 2019، التي جاءت مصحوبة بنشاط دبلوماسي غير مسبوق، واستثمارات تركية اقتصادية ضخمة في جمهوريات المنطقة، تمتد من مشروعات العقارات والبنية التحتية الكبرى التي تُنفِّذها شركات تركية ضخمة، مرورا بآلاف الشركات الصغيرة المملوكة للأتراك التي تنشط في مختلف قطاعات الاقتصاد، ما أثمر زيادة في حجم تجارة تركيا مع دول المنطقة وصولا إلى 8.5 مليارات دولار في عام 2019. أما على الصعيد الثقافي، أضحت المدارس التي تُموِّلها الحكومة التركية اختيارا مُفضَّلا لدى طلاب دول آسيا الوسطى، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجامعات، مع إنشاء رابطة جامعات آسيا الوسطى التي جمعت العديد من الجامعات المرموقة في المنطقة.
لم تقتصر روابط تركيا على الجوانب الاقتصادية والثقافية فقط، لكنها امتدت أيضا إلى المجالات الأمنية والسياسية. وعلى هذا الصعيد، يُعَدُّ دعم تركيا لشريكها الآسيوي الأبرز، أذربيجان (الواقعة على حدود آسيا الوسطى على الضفة الأخرى لبحر قزوين)، في نزاعها طويل الأمد مع أرمينيا خير دليل على عمق العلاقات العسكرية والأمنية التركية مع دول محيطها الآسيوي. وخلال الجولة الأخيرة من النزاع حول منطقة “ناغورنو قره باخ” التي اندلعت في خريف العام الماضي، لعبت القوة النارية والطائرات بدون طيار التركية دورا رئيسيا في تمكين باكو من السيطرة على جزء كبير من أراضيها المحتلة من قِبَل أرمينيا وتغيُّر ميزان القوى في جنوب القوقاز، وبالمجمل تُدرِّب تركيا مئات الأفراد العسكريين من جمهوريات آسيا الوسطى عبر برامج دفاعية ثنائية، وتُقدِّم التدريب الأمني والمساعدات العسكرية، وتنشط بفاعلية ضمن خطط العديد من دول المنطقة لتحديث جيوشها.
مع تقدُّمها في آسيا الوسطى، تلعب تركيا مباراة صعبة فوق أرض روسية بامتياز. ومع إدراك موسكو لتحرُّكات أنقرة الإستراتيجية في المنطقة، شرعت هي الأخرى في اتخاذ خطوات للحفاظ على نفوذها وتعزيزه. ومع كون معظم دول المنطقة -تحديدا كازاخستان وقيرغيزستان وطاجكستان- أعضاء في معاهدة الأمن الجماعي (CSTO)، المعادل الإقليمي الروسي لحلف الناتو، فإن موسكو تمتلك بالفعل الغطاء السياسي اللازم لتقوية حضورها.
وبُغية زيادة جاهزية قواتها العسكرية في المنطقة، نشرت موسكو في عام 2020 طائرات بدون طيار في قاعدتها العسكرية في قيرغيزستان، كما وضعت في القاعدة ذاتها طائرتين مروحيتين حديثتين من طراز “Mi-8MTV5-1″، جُهِّزتا بأنظمة دفاع حديثة، إضافة إلى أنظمة خاصة للرؤية الليلية من أجل تسهيل التحليق على ارتفاعات منخفضة، وتأمين عملية الإقلاع والهبوط في الأماكن غير المخصصة، وبالتزامن، حدَّثت روسيا أيضا أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي في القاعدة. ولم تكن القاعدة الروسية في طاجكستان المجاورة أقل حظًّا، حيث تلقَّت وحدات من نظام الدفاع الصاروخي المتطور “إس – 300”.
أثارت التحرُّكات العسكرية السابقة تكهُّنات حول الدوافع الروسية، التي تبدو للوهلة الأولى نابعة من التفكير التقليدي الذي يعتبر بلدان المنطقة ضمن نطاق نفوذها المميز، حيث تشرع موسكو بالفعل منذ عام 2012 في تعزيز قواعدها العسكرية القائمة والمنشآت الأخرى ذات الصلة في المنطقة، تزامنا مع دعمها لجيوش المنطقة بطرق مختلفة، مثل بيع الأسلحة والمناورات العسكرية المشتركة، وبرامج التدريب العسكري، في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
تاريخيا، برَّرت موسكو نفوذها العسكري المتزايد في المنطقة بما يُعرف اصطلاحا بسياسة حماية البطن المتدلي “Soft Underbelly” الذي يرتكز على كون أراضي دول آسيا الوسطى غالبا ما كانت مطمعا للجهات الراغبة في استهداف أمن روسيا القومي، سواء من القوى المنافسة أو حتى الجماعات المسلحة المتمردة المناهضة لموسكو، الأمر الذي يتطلَّب حضورا فاعلا لقواتها المسلحة في هذه الدول لمنع تعرُّض الأراضي الروسية للتهديد بسبب امتداد النزاعات المسلحة، أو حتى تهريب الأسلحة والمخدرات من مسارح الصراعات الملتهبة، مثل أفغانستان المجاورة.
لكن بالنظر إلى أن دول آسيا الوسطى أضحت اليوم تتمتع ببيئة أمنية أكثر استقرارا، يتضح أن الحشد الروسي له أسباب غير اعتيادية تتجاوز التهديدات الأمنية المباشرة للحدود الروسية، والدليل الأكبر على ذلك أن أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي ومنظومات التسليح التي تبذل موسكو الشق الأكبر من جهودها لزرعها في أراضي المنطقة وأجوائها ليست مُصمَّمة أصلا للتعامل مع هذه الأنواع من التهديدات التقليدية، وعلاوة على ذلك، فإن القوات الروسية المنتشرة في المنطقة -مع الأخذ في الاعتبار التطورات الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا- لا تزال غير قادرة على التدخُّل بفاعلية لمنع حدوث أي نزاع إقليمي كبير يُهدِّد أمن المحيط الروسي.
من المُرجَّح إذن أن التعزيزات الروسية المتزايدة في آسيا الوسطى مؤخرا ترتبط بشكل أكبر بسياق المنافسة مع القوى الإقليمية الطامحة إلى اكتساب موطئ قدم في باحات موسكو الخلفية. وفيما يبدو، فإن الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها، حيث تخشى روسيا بالدرجة الأولى من الوجود الصيني المتزايد في آسيا الوسطى تحت ستار مبادرة الحزام والطريق، حيث تُعَدُّ دول كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان محطات رئيسية في الشق البري من المبادرة، في الوقت الذي تسعى فيه أرمينيا وجورجيا وتركمانستان وطاجيكستان إلى تطوير علاقات تكنولوجية خارج نطاق الهيمنة الروسية، وبالتبعية فهي تنظر إلى الصين بوصفها شريكا كبيرا محتملا.
تتفاقم مخاوف الروس تجاه النفوذ الصيني بفعل إدراك موسكو للتناقص المتزايد في قدرتها على المساهمة في تنمية اقتصادات دول المنطقة، وعجزها عن التنافس مع الجيوب الصينية العميقة على صعيد المساعدات والتمويل والاستثمار، وهي أمور باتت تُهدِّد هيمنة روسيا على عمليات إنتاج الغاز وتصديره في المنطقة الحيوية الغنية بالطاقة، في ظل الوضع السيئ للبنية التحتية وحاجتها الماسة إلى استثمارات كبرى لا تستطيع روسيا وحدها تحمُّلها، ما يفتح بابا إضافيا كبيرا أمام بكين.
ومع كل هذه الفرص الواعدة التي تُقدِّمها المنطقة، وتتوافق مع هوى الصين في الاستفادة من الموارد الطبيعية ونقاط العبور التجارية والأسواق الكبيرة لترويج المنتجات الصينية، لم يكن مفاجئا أن تصبح الصين خلال فترة قصيرة المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية المباشرة في آسيا الوسطى، غير أن ما يُثير حفيظة الكرملين حقا هو إدراكه أن النفوذ الاقتصادي غالبا ما يكون مجرد مُقدِّمة للصين لتوسيع حضورها في مجالات أخرى، بما يشمل قطعا المجالَيْن الأمني والعسكري.
تُقدِّم الأرقام أدلة لا يمكن إغفالها على هذه الحقيقة. على سبيل المثال، بين عامَيْ 2016-2020، زادت الصين حصتها من مبيعات الأسلحة إلى طاجيكستان إلى 18%، مقارنة بنسبة 1.5% فقط بين عامَيْ 2010-2014، وشيَّدت منشأة عسكرية في البلاد دون إعلان رسمي، كما تعهَّدت بدعم أنشطة حماية الحدود في منطقة دوشانبي قرب أفغانستان بمرافق ومعدات عسكرية، والأكثر من ذلك، أشارت الصين ضمنيا الصيف الماضي إلى أنها تعتبر منطقة بامير الطاجيكية جزءا من الأراضي الصينية، الأمر الذي دفع موسكو لتوجيه انتقادات علنية حادة إلى بكين. وكانت الرسالة التي يرغب الكرملين في تمريرها من خلال هذه الانتقادات واضحة للغاية، وهي أن تسامح روسيا في تمدُّد الصين اقتصاديا في آسيا الوسطى لا يعني أنها ستغض الطرف عن محاولات بكين تحويل هذا الحضور الاقتصادي إلى نفوذ عسكري.
في ظل هذه المنافسة المحتدمة، تشرع روسيا اليوم في مراجعة حثيثة لأوراق نفوذها المتضائل في آسيا الوسطى، من خلال تقديم نفسها وسيطا محتملا وصانعَ سلامٍ خلال الصراعات وضامنا للاستقرار الإقليمي. وفي هذا الإطار، لا تمانع روسيا فيما يبدو من التعاون مع منافسها الجديد، تركيا، وقبولها شريكا محتملا في المنطقة، ما دام ذلك سيساعدها في احتواء نفوذ الصين وتحرُّكات إيران، وكلاهما يُثير حفيظة موسكو أكثر بكثير مما تفعل أنقرة.
لكن في حين تمتلك روسيا وتركيا مصالح مشتركة، فإن البلدين متنافسان جيوسياسيان بحكم اعتبارات التاريخ والجغرافيا. ومن الناحية الإستراتيجية، تُعَدُّ تركيا عضوا في حلف الشمال الأطلسي، الناتو، وتمتلك تركيا مصالح سياسية وأمنية مشتركة مع الولايات المتحدة والغرب أكثر بكثير مما تمتلكه مع روسيا، رغم أن علاقتها معهم لم تكن في أفضل أحوالها خلال السنوات الأخيرة. وفي ضوء هذه الحقائق، من الطبيعي أن تعتبر روسيا وجود تركيا في المنطقة تهديدا لنفوذها على المدى الطويل، وإن لم يكن هو التهديد الأكثر إلحاحا في الوقت الراهن. وفي المقابل، ربما يُوفِّر وجود تركيا المتنامي في آسيا الوسطى فرصة لا تُقدَّر بثمن لواشنطن لإحداث اختراق جوهري في منطقة خالصة للنفوذ الروسي.
على مدار عقود، حالت قبضة الكرملين القوية على الجمهوريات السوفيتية السابقة دون تمكُّن الولايات المتحدة من إقامة علاقات ذات مغزى في منطقة آسيا الوسطى التي تكتسب أهمية قصوى أميركيا بفضل موقعها حاجزا جغرافيا بين أكبر خصمين لواشنطن وهما موسكو وبكين. وعلى الرغم من أن واشنطن أسَّست قواعد عسكرية في قيرغيزستان وأوزباكستان بعد عام 2002 من أجل المساعدة في التعبئة لعملياتها العسكرية في أفغانستان، فإن نفوذ أميركا في المنطقة ظلَّ محدودا وتركيزها منصبّا بشكل رئيسي على تأمين اتفاقيات وصول طويلة الأجل إلى القواعد الإقليمية والمنشآت العسكرية، التي يمكنها أن تستخدم للرد على التهديدات الأمنية الحالية والمستقبلية في أفغانستان.
تُقدِّم تركيا إذن فرصة لأميركا للوجود في منطقة طالما حلمت باختراقها. وعلى الرغم من أن أنقرة لا تزال بعيدة كل البُعد عن أن تحل محل موسكو الراسخة بعمق أو أن تشغل مكان بكين، اللاعب الاقتصادي الرائد، فإن دعم الولايات المتحدة من شأنه أن يزود أنقرة بالثقة لتحقيق تقدُّم أكبر في هذه البقعة الجغرافية الحيوية، وعلى المدى الطويل نسبيا يمكن للتعاون بين تركيا وأميركا، عبر التوظيف الفعال لأدوات القوة الناعمة، أن يخلق جبهة قوية قادرة على موازنة النفوذ الروسي القوي والوجود الصيني المتصاعد.
علاوة على ذلك، تُوفِّر البيئة السياسية الراهنة في آسيا الوسطى فرصة حقيقية لإنجاح هذا التعاون المُحتمَل. فمع توق دول المنطقة إلى تحسين أوضاعها الاقتصادية وتحديث جيوشها وتطوير بناها التحتية وتعزيز أصول إنتاج الطاقة ونقلها، ومع تطلُّع شعوبها إلى اعتناق القيم الديمقراطية الغربية، ورغبة قيادتها السياسية -بدرجات متفاوتة- في التحرُّر من النفوذ الروسي القديم والحفاظ على درجة معينة من الاستقلال على المسرح السياسي العالمي، وبالنظر إلى تفلُّت أوراق القوى التقليدية من بين أيادي الكرملين، لن يكون من الصعب أن نتنبأ أن منطقة آسيا الوسطى مُقبلة على تنظيم جيوسياسي جديد يتحدى -لأول مرة- الأوضاع الراسخة منذ سقوط دولة السوفييت العتيقة قبل ثلاثة عقود.