لبنان على عتبة الانهيار في ظل توجه لخفض دعم البنزين
واصل الدولار جنونه وقفز الثلاثاء إلى سقف 15 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد وبات خارج سيطرة السلطة السياسية التي تمضي في تعنتها وعدم اتفاقها على تشكيلة حكومية إنقاذية.
واحتجاجا على هذا الواقع المتدهور وارتفاع الأسعار، عمد المواطنون مجددا إلى قطع الطرقات وخصوصا في بيروت حيث أقدم البعض على قطع طريق المدينة الرياضية والكولا والحمرا وكورنيش المزرعة وعائشة بكار وقصقص امتدادا إلى خلدة والجية وصيدا والزهراني وصور جنوبا وسعدنايل ورياق في البقاع والمنية وعرمان والبداوي والقبة في طرابلس والبيرة في عكار. وحطم محتجون سوبرماركت الفاكهاني في منطقة فردان.
وانعكس ارتفاع الدولار بلبلة على الأسواق، ورفعت محطات محروقات في بعلبك والشمال خراطيمها بعد نفاد كميات البنزين لديها، في حين اتبعت محطات أخرى عملية التقنين في التعبئة لتتمكن من تلبية طلبات الزبائن.
وواصلت محال تجارية عدة إقفال أبوابها، وكشف نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد أن الموردين لم يسلموا السوبرماركت بضائع خلال اليومين الماضيين، موضحا أن المخزون قليل بسبب المشكلة المالية وعدم القدرة على الشراء، محذرا من أن بقاء الوضع على ما هو عليه، سيؤدي إلى انهيار السوبرماركت والإقفال التام. وقال: حاولنا التوزيع العادل للمواد المدعومة ولكن هذه الطريقة أثبتت فشلها وأحدثت مواجهات مع المواطنين، وهناك عصابات تسرق المواد المدعومة من السوبرماركت وتقوم بتهريبها. من هنا ارتأينا أن هذه مسؤولية الدولة وتحديدا وزارة الشؤون الاجتماعية. وأضاف: الزيت والسكر والحليب أكثر مواد مفقودة من السوق، لافتا إلى أن هناك تحولا تدريجيا نحو الدولرة أي أن الشركات ترفض البيع بالليرة اللبنانية إنما بالدولار.
تزامنا، قال نائب رئيس اتحاد نقابات الأفران والمخابز المستقيل كاظم إبراهيم: إذا استمررنا على هذه الوتيرة لا بد أن يصل القطاع إلى التوقف القسري إلى حين استقرار سعر صرف الدولار”، آملا أن “تتم معالجة الأمر ليس برفع الأسعار بل باستقرارها.
وفي غضون ذلك، تخطى اللبنانيون مرحليا ولغاية شهرين مبدئيا خطر العتمة بعدما أقرت اللجان النيابية المشتركة إعطاء شركة كهرباء لبنان، سلفة بقيمة 200 مليون دولار من ودائع اللبنانيين في مصرف لبنان، بالتصويت مع تسجيل اعتراض نواب حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فيما وافق على السلفة نواب التيار الوطني الحر وكتلة التنمية والتحرير وحزب الله وتيار المستقبل باستثناء النائب هادي حبيش الذي وصف الخيارين بأنهما أسوأ من بعضهما.
وكان اقتراح القانون يرمي إلى إعطاء كهرباء لبنان سلفة 1500 مليار ليرة، إلا أنه في ظل الاعتراض النيابي وعدم وجود احتياط كاف من العملات الصعبة في المصرف المركزي تمت تجزئة السلفة في انتظار تأليف حكومة جديدة. واقترح النائب أنور الخليل أن تكون السلفة 300 مليار ليرة.
وكشف النائب علي خريس أن الرئيس نبيه بري سأل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إن كانت لديه دولارات فأجابه ما عندي شي ولا دولار واحد. لكنه عاد وأوضح النائب علي خريس في بيان، أن ما تم تداوله غير دقيق وخارج سياقه، والمقصود من وراء التصريح حول ما قاله حاكم المصرف بأن ليس لديه ما يدعم الكهرباء. ورفض عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن ابتزاز النواب بين السلفة والعتمة، ورأى أن الحل موجود بالإصلاحات وبحكومة مهمة مصغرة مضمونها المبادرة الفرنسية.
من جهته، رفض رئيس حزب القوات سمير جعجع معادلة “السلفة أو العتمة”. وانتقد في إطلالة من معراب وزراء الطاقة المنتمين إلى التيار الوطني الحر وقال: هذا أمر محزن ويدعو إلى ثورة فعلية وبدنا نخلص (منكم) بوزارة الطاقة، لافتا إلى أن وزارة الطاقة من أكثر المؤسسات التي فيها زبائنية وفساد ولا إصلاح وقلة إدارة وقلة وعي وسوء تقدير، وهم لم يطلبوا 1500 مليار ليرة بل طلبوا مليار دولار أي 13 ألف مليار ليرة وهناك غش حتى في هذا الأمر. وأضاف: صوتنا ضد السلفة في اللجان المشتركة وسنصوت ضدها في الهيئة العامة لأنهم سيعطون السلفة مما تبقى من ودائع الناس في المصارف.
وفي وقت يستنفد مصرف لبنان الاحتياط وبقي لديه فقط 17 مليار دولار تشكل الاحتياط الإلزامي التي أودعتها المصارف اللبنانية من ودائع الناس، يبدو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي كان مصمما على عدم وقف الدعم من المصرف المركزي حتى لا يحدث الانهيار في عهد حكومته، بات أمام خيار مر، وهو قال لـ”رويترز” إن البلاد يمكن أن تبقي على دعم أغلب السلع حتى حزيران، وأضاف: حاليا الحكومة مغطاة بالنسبة لما تدعمه حتى حزيران، إلا أن بعض المواد الأخرى كالمحروقات لا تكفي حاجتنا بعد شهر آذار.
أما وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني فأشار إلى أن البلاد تعتزم خفض دعم المواد الغذائية ورفع أسعار البنزين تدريجيا، ولفت إلى أن خفض دعم البنزين سيتقلص من نسبة 90 في المئة في الوقت الحالي إلى 85 في المئة.