تراجع تصدير الغاز والنفط الجزائري يضع الحكومة أمام خيارات مؤلمة
تساءل تقرير في موقع “بلومبيرغ” عن حال الطاقة في الجزائر ومنظور استمرارها كدولة نفطية.
وجاء في التقرير الذي أعده كل من فيرتي راتكليف وسهيل كرم وسلمى الورداني أن تراجع أسعار النفط تهدد بمعاناة جديدة للدولة العضو في منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) وإمكانية تكرار للمظاهرات التي أطاحت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وتكافح الدولة في مواصلة شحن النفط والغاز الطبيعي الذي يعد شريان الاقتصاد، حيث تركت سنوات من سوء الإدارة وغياب الاستثمار آثارها عليه. وبحسب شريف بن ميهوب، المكلف بالمشاريع الاقتصادية فقد تتوقف الجزائر عن كونها مصدرا للنفط الخام في غضون عقد من الزمان. وفي تصريحات للإذاعة الوطنية قال فيها لم تعد الجزائر دولة نفطية.
ورغم صعود مؤشر نفط برنت إلى 60 دولار للبرميل يوم الإثنين، وهي المرة الأولى التي يرتفع فيها السعر القياسي منذ أكثر من عام إلا أن الجزائر، وبحسب صندوق النقد الدولي تحتاج إلى سعر أعلى لكي توازن ميزانيتها. فالمالية تكون متوازنة بسعر برميل للنفط 135 دولارا، وهو أعلى سعر تحتاجه أي دولة عربية منتجة ومصدرة للنفط حسب حسابات صندوق النقد الدولي. ونقل الموقع عن جليل حرشاوي، الزميل البارز في المبادرة الدولية بجنيف، وهي منظمة غير حكومية تتعرض القيادة الجزائرية للضربات وبدون توقف، ولأول مرة من عقدين تحتاج الجزائر لاتخاذ القرارات المؤلمة وقرارات ذات بعد رمزي عال للبحث عن الدولارات.
وتراجع تصدير البلد من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال بنسبة 30% في 2020، وبحسب عمليات متابعة الشحن لموقع “بلومبيرغ”. واستمر الاتجاه هذا العام. وتراجعت مبيعات النفط بـ 290.000 برميل في اليوم الشهر الماضي، بنسبة 36% أقل من شهر كانون الأول/ديسمبر وهو أقل رقم منذ 2017. ووافقت الجزائر وغيرها من أعضاء أوبك على تخفيض معدلات الإنتاج بسبب وباء فيروس كورونا وتوقف الطيران وإغلاق المصانع.
وفي الوقت الذي خرقت فيه معظم الدول الأعضاء الحصة المخصصة لها إلا أن الجزائر فشلت في تحقيق الحد الأقصى من الحصة. ورغم ارتفاع معدلات الإنتاج في كانون الثاني/يناير إلا أنه يظل الأقل منذ 2002. وبسبب الفقر في الإنتاج فقد تخسر الجزائر التعافي الأخير في معدلات انتاج النفط الخام. وارتفعت العقود المستقبلية لمؤشر برنت بنسبة 50% وذلك بسبب البدء في عمليات توفير لقاحات كوفيد-19 وعودة الطلب الصيني على النفط. ويعاني قطاع الغاز الطبيعي في الجزائر نفس التراجع، حيث انخفض انتاج البلد منه في 2019، وهو الأقل في عقد حسب منبر الدول المصدرة للغاز. وفي الوقت نفسه تحرق الجزائر المزيد من الوقود في الداخل بسبب زيادة عدد السكان مما يترك القليل للتصدير. وأمر رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد بتخفيض النفقات لتحقيق الاستقرار المالي في البلاد.
ولكن الحكومة خائفة من تخفيض الدعم عن الطاقة الكهربائية والطعام. ويرى بيل فارين – برايس مدير شركة البحث في شؤون الطاقة “إنفيرس” “لدى الجزائر أكبر ميزانية رفاه اجتماعي للفرد ومقارنة مع الدول الأخرى في أوبك”. ويجب الحفاظ على النفقات الاجتماعية لأنها ضرورية لو أريد تجنب التظاهرات الجماهيرية.
وتعهدت شركة الطاقة الجزائرية “سوناطراك” بزيادة تصدير الغاز بنسبة 25% هذا العام حتى مع تخفيض النفقات، لكن الشركة تعاني من تغير في الإدارة مما أعاق عملية الإنتاج، فقد شهدت أربع مدراء خلال العامين الماضيين و12 منذ 2010. وقال فارين- برايس “التغيرات المستمرة على رأس سوناطراك لم تسهل من عملية إدارة القطاع” و “هناك الكثير من الضغوط” ولم تعلق الشركة عندما طلب منها الموقع.
وألمحت الجزائر للسماح بدخول الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الطاقة والتأثير عليه، لكن الجزائر لديها أكبر اقتصاد مغلق وهناك تردد من الوزراء بالسماح للاستثمارات الخارجية المساهمة فيه. كما وتشعر الحكومة بالقلق من الاعتماد على صندوق النقد الدولي أو المستثمرين الدوليين في الأسهم وطلب مال بهدف الاستثمار في حقول الطاقة. ويرى حرشاوي أن الوضع كما هو الآن يعني أن المال يجب أن يأتي من الخارج وهو ما يطرح أسئلة حول السيادة، فالاقتراض أو التخلي عن حقوق الملكية في الإنتاج ينظر إليهما كتنازل عن السيادة.
المصدر: القدس العربي