هل تمزق القبائل السياسية أميركا؟
نشرت مجلة “ناشونال إنترست” (The National Interest) الأميركية مقالا ترى كاتبته أنه لا توجد حضارة في التاريخ لديها نخب تكره ذاتها ولا تبالي بإرثها مثل النخب المسؤولة في أميركا والمملكة المتحدة الحديثة.
وتقول كاتبة المقال، سومانترا مايترا، وهي باحثة دكتوراه في جامعة نوتنغهام البريطانية؛ “كما هو الحال في كل الثورات، من الثورة الثقافية الفرنسية إلى الثورة الروسية والصينية، فإن السياسات الأميركية العرقية قد بلغت مرحلة تتعرض فيها كل رموز وحدة أميركا وقصة نشأتها للتفكيك”.
وقد أصدر مجلس التعليم في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا أخيرا قرارا بتغيير أسماء جميع المدارس التي تحمل أسماء شخصيات تاريخية، منها جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وحتى أبراهام لينكولن، ورأى المجلس أن حمل تلك المدارس لأسمائهم يعد تغاضيا عن عصر “العبودية والقمع والعنصرية”.
وتعلّق الكاتبة بأن كثيرا من الناس في الظاهر يرون أنه من الغباء وصم جورج واشنطن وأبراهام لينكولن بالعنصرية، إذ لولاهما لما كانت الولايات المتحدة في صورتها الرمزية الحديثة موجودة الآن.
ثورة على التاريخ؟
وترى الكاتبة أن ما يحدث يتعارض مع المنهجية التاريخية القائلة إنه لا يمكن الحكم على الشخصيات التاريخية من منظور أخلاقي معاصر، و إن مفهوم العنصرية الممنهجة قد يكون قابلا للنقاش في أحسن الأحوال وسببا للانقسام في أسوئها.
وتقول إن من الواضح أن كون من يعارضون هذه التغييرات الثورية ليس لديهم أي شخص في منصب قيادي يمكنه الدفاع عن رأيهم بهذا الشأن، فإن ذلك لا يثير قلق أصحاب تلك القرارات.
ويشير المقال إلى أن الثورات تأتي غالبا من القمة لا من القاعدة، إذ تقودها مجموعة من النخب المؤدلجة بعمق إلى الحد الذي يجعلها تقرر مصير نظام ما، أما الغالبية فتكون عادة غاضبة ومغلوبة على أمرها، أو تحمل عداء مهددا للثورة.
وفي إشارة إلى أن ما يحدث في أميركا قد يرقى إلى هدم الثوابت والتاريخ، تقول الكاتبة إنه عندما يتقرر هدم كل شيء يتعلق بقصة نشأة الدولة، لا يبقى هناك شيء ملموس يمكن التمسك به.
وتضيف أن الأمر لا يتعلق فقط بإعادة تسمية المدارس أو إسقاط التماثيل التي تعود إلى حقبة الكونفدرالية، بل يتعلق بأمة ستجد صعوبة في البقاء على قيد الحياة، لأنها تعلّم أطفالها أن يكرهوا رواية نشأة الدولة على الأرض التي ورثوها عن أسلافهم.
وتقول إن ذلك ينطبق على الولايات المتحدة، الإمبراطورية المكونة من قوميات وأعراق متعددة وخلفيات دينية مختلفة توحدهم عقيدة الانتماء للدولة.
وتلفت إلى أن اللحظة التي تطغى فيها نوازع الظلم القبلي (والعرقي) على عقيدة الدولة الجامعة والتاريخ الوطني، ستكون لحظة إضعاف الرواية المتعلقة بالنشأة وتدميرها على نحو لا يمكن إصلاحه، ومن ثمّ سقوط تلك الإمبراطورية تمامًا كما سقطت الإمبراطورية النمساوية المجرية و يوغسلافيا الحديثة.
المصدر: ناشونال إنترست