قادة الانقلاب في مالي يعدون بتحول ديمقراطي وفرنسا تدعوا مجلس الأمن للانعقاد
تعهد العسكريون الذين استولوا على السلطة أمس في مالي بإنجاز انتقالي سياسي مدني، وإجراء انتخابات خلال مهلة معقولة، وذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس أبو بكر كيتا استقالته من منصبه إثر احتجازه من قبل الانقلابيين، في حين يبحث الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن اليوم الأحداث الجارية في مالي، وسط رفض إقليمي ودولي للانقلاب.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الهدوء يخيم اليوم على العاصمة المالية بماكو عقب انقلاب أمس، إذ خلت الشوارع من أي انتشار عسكري للجيش، وتوجه السكان إلى أعمالهم، في حين بقيت الإدارات الرسمية والمصارف مغلقة. ولم ترد أي أنباء عن الرئيس المستقيل كيتا (75 عاما) أو رئيس وزرائه بوبو سيسي أو مسؤولين آخرين مدنيين وعسكريين أوقفوا أمس الثلاثاء خلال أحداث بدأت بتمرد جنود في معسكر في مدينة كاتي، الواقعة على بعد 15 كيلومترا من بماكو، ثم تحول إلى انقلاب على السلطة القائمة.
واقتيد الرئيس المالي -الذي انتُخب عام 2013 وفاز بولاية رئاسية ثانية عام 2018 مدتها 5 سنوات- إلى مدينة كاتي، بعد توقيفه مع رئيس الوزراء. وقال كيتا في كلمة ألقاها عبر التلفزيون الرسمي إنه يستقيل من كافة مناصبه، ويعلن حل الحكومة والبرلمان، قائلا إنه لا يريد إراقة أي قطرة دم مقابل بقائه في السلطة.
وأعلن العسكريون الانقلابيون إنشاء لجنة وطنية لإنقاذ الشعب، وقال الناطق باسم العسكريين الكولونيل إسماعيل واغي مساعد رئيس أركان سلاح الجو “قررنا تحمل مسؤولياتنا أمام الشعب وأمام التاريخ”، وأضاف واغي “بلادنا تغرق يوما بعد يوم في الفوضى وعدم الاستقرار بسبب الرجال المكلفين بمصيرها”. ودعا الناطق باسم العسكريين المجتمع المدني والقوى السياسية في البلاد إلى “تهيئة أفضل الظروف من أجل انتقال سياسي مدني يفضي إلى انتخابات عامة ذات مصداقية”، وأعلن الانقلابيون إغلاق الحدود وفرض حظر تجول، وطمأنوا المجتمع الدولي بشأن عدم طمعهم في الاستيلاء على السلطة.
ووصفت المعارضة المالية ما يجري في البلاد بالانتفاضة الشعبية، وهي التي تقود منذ أشهر تحركا مناهضا لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة التي فاز فيها حزب الرئيس كيتا بأغلبية كبيرة.
المواقف الدولية
في المقابل، توالت في الساعات الماضية المواقف الدولية والإقليمية الرافضة لانقلاب مالي، والداعية إلى عودة الحكم المدني وإطلاق سراح قادة البلاد، فقد أدانت الأمم المتحدة الانقلاب، وتقرر عقد جلسة طارئة مغلقة لمجلس الأمن الدولي اليوم لبحث الأزمة في مالي، بطلب من فرنسا، والنيجر التي ترأس حاليا المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). وعلقت مجموعة إيكواس عضوية مالي أمس الثلاثاء، وأغلقت حدود الدول الأعضاء بها مع البلد، وتعقد المجموعة اجتماعا الخميس عبر الفيديو بشأن أزمة مالي.
وأعلن الاتحاد الأفريقي أنه “يدين بشدة” أي محاولة تغيير مخالفة للدستور في مالي، وطالب سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا ورئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي بالعودة الفورية للحكم المدني في مالي؛ ودعا العسكريين الذين أعلنوا التمرد على كيتا للعودة إلى ثكناتهم.
ودعت مجموعة دول الساحل الخمس في غرب أفريقيا أمس الانقلابيين في مالي إلى إطلاق سراح الرئيس كيتا، وغيره من كبار المسؤولين. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان -في بيان له- إن بلاده تتابع بقلق الأحداث التي جرت في مالي، وعبّر عن إدانته بشدّة هذه الحادثة الخطيرة، وقال إن فرنسا ستواصل دعمها لسيادة وديمقراطية مالي.
خلفيات الأحداث
وتشهد مالي موجات متتالية من المظاهرات بقيادة حركة “5 يونيو” المعارضة وعدد من المستقلين، منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس/آذار الماضي، وفاز فيها حزب الرئيس كيتا ورفضتها المعارضة. ويعبر معارضو كيتا عن استيائهم من مواقف نظامه إزاء قضايا كثيرة، وعلى رأسها تدهور الوضع الأمني، وعجز حكومته عن وقف العنف في البلاد، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي، وفشل خدمات الدولة، وتفشي الفساد.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي، يخرج عشرات آلاف المتظاهرين إلى شوارع بماكو، مطالبين كيتا بالاستقالة، بسبب ما يقولون إنها إخفاقاته في معالجة تدهور الوضع الأمني والفساد.
المصدر: الجزيرة