هل يتفاقم التوتر بين تركيا واليونان في بحر إيجة والمتوسط؟
يسود التوتر بين اليونان وتركيا، بالآونة الأخيرة في بحر إيجة، بعد إعلان أنقرة عبر “إخطار حربي”، أن سفينة لها ستقوم بأعمال بحث واستكشاف في مناطق جنوب وشرق جزيرة كاستيلوريزو اليونانية.
ونشرت البحرية اليونانية، بوارجها العسكرية في بحر إيجة، بعد إعلان حالة “التأهب” بسبب التحركات التركية الأخيرة لاستكشاف موارد الطاقة، في منطقة تعتبر أثينا أنها تتبع لجزرها وصخورها المتناثرة قبالة البر التركي.
فيما أكدت وزارة الخارجية التركية، أن المنطقة البحرية التي ستجري السفينة التنقيب فيها هي ضمن حدود الجرف القاري لتركيا المحدد من قبل الأمم المتحدة والمناطق المرخصة من قبل الحكومة التركية لصالح مؤسسة البترول التركية عام 2012.
وفي ظل هذا التوتر، ذكرت وسائل إعلامية أن مقاتلات تركية حلقت بالقرب من الجزر اليونانية، وأشارت إلى أن ما يقارب 18 سفينة حربية تركية ترافق سفينة “أورش ريس”.
يشار إلى أن جزيرة “ميس” (بالتركية)، وكاستيلوريزو (باليونانية) تبعد عن البر التركي 2 كم فقط، بينما تبعد عن أقرب يابس يوناني 580 كم، ومساحتها لا يتعدى 10 كم لكنها تتبع لليونان.
تركيا تظهر تصميمها
وذكرت صحيفة يني شفق، أن تركيا التي أعلنت أنها سوف تحمي حقوقها ومصالحا في شرق المتوسط بأي تكلفة، بدأت عملية جديدو تظهر فيه تصميمها وذلك بإرسال سفينة “أورش ريس” إلى المنطقة.
وأشارت في تقرير ترجمته “عربي21″، إلى أن السفينة، ستقوم بمهامها بموجب الاتفاق البحري بين طرابلس وأنقرة، ما أزعج اليونان التي لا تتوقف منذ أشهر بالتهديد باللجوء للخيار العسكري.
وتثار التساؤلات عن مدى جدية التهديدات اليونانية، والخيارات العسكرية التركية، وهل ينذر هذا التصعيد لحرب بين البلدين في شرق المتوسط؟.
تركيا تمتلك الردع
ونقلت يني شفق، عن الخبير التركي في الصناعات الدفاعية، قادر دوغان، أن تركيا واليونان تبحثان عن وسائل ردع من أجل حماية مصالحهما في شرق المتوسط، لكن تركيا تمتلك الكثير من الخيارات لتحقيقه من الناحية العسكرية.
وأشار إلى أن تركيا نجحت في لفت أنظار العالم بسبب النجاحات التي حققته بسوريا وليبيا، ناهيك عن تأثير طائراتها المسيرة، وأنظمة الحرب الالكترونية.
ولفت إلى أنه إذا تم الجمع بين القدرات العسكرية لتركيا الجوية، والبحرية التي تعد أحد القوى البارزة في شرق المتوسط، فإن تركيا قادرة على تحقيق الردع بشكل أكبر.
ونوه إلى أنه بعد الإخطار البحري، حلقت مقاتلات “أف16” التركية، ونفذت طلعات جوية بالمنطقة، ورافقتها المسيرات التركية، مؤكدا أن تركيا لديها عوامل قوى وخيارات ردع أقوى في شرق المتوسط من اليونان.
وذكر أن نشر الأنظمة الجوية لاسيما المسيرات في قاعدة بقبرص التركية، سيعزز القدرة على القيام بعمليات مشتركة في شرق المتوسط، والجزر.
من جهته قال الكاتب التركي، برهان الدين دوران، إن اليونان زعمت أنه تم انتهاك جرفها القاري، وأعلنت حالة التأهب الكامل لبحريتها في بحر إيجة.
وأشار في مقال على صحيفة “صباح”، إلى أن أنقرة فندت مزاعم اليونان، على أساس أن الجزر المتناثرة لا ينطبق عليها قانون الجرف القاري.
خلافات متجذرة بين البلدين.. هل يتصاعد التوتر؟
وأضاف، أن هناك خلافات بين أثينا وأنقرة، بشأن المياه الإقليمية، والجرف القاري في بحر إيجة، وتسليح بعض الجزر، وقضية قبرص، ومع إضافة الأزمة الأخيرة بينهما في شرق المتوسط، فإن إمكانية تحول التوتر إلى صراع أكبر بأي لحظة.
واستبعد الكاتب التركي، أن يتصاعد التوتر بين الجانبين في المدى القريب، رغم التخوفات التي صاحبتها مواجهة بين بحرية البلدين الثلاثاء الماضي.
حراك دبلومسي لميركل
وأوضح، أن الحراك الدبلوماسي للمستشارة الألمانية ميركل، مع الرئيس التركي أردوغان، ورئيس الوزراء اليوناني ميكوناكيس، ساهم في تخفيف حدة التوتر المتصاعد.
وأضاف، أن ميركل التي تتولى بلدها حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي بالتناوب، تؤيد بدء عملية يتم فيها التفاوض بشأن المسائل العالقة بين أنقرة وأثينا.
دور جديد لفرنسا ضد تركيا
وأشار إلى أن فرنسا التي خسرت في ليبيا، بعد هزائم حفتر، أعلنت وقوفها لجانب اليونان، وتسعى لفرض عقوبات أوروبية على تركيا، لكن الأخيرة من الواضح أنها لن تنسحب من معركة الطاقة في شرق المتوسط رغم التهديد بذلك.
ولفت إلى أن باريس التي عززت وجود موسكو في ليبيا، ضد أوروبا والناتو، تحاول لعب دور جديد في شرق المتوسط بزيادة التوتر بين أنقرة وأثينا، لكن ميركل التي أظهرت مسؤولية في قيادة الاتحاد الأوروبي، لا تتفق مع ماكرون، وتسعى لإحياء جديد في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
ونوه إلى أن أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي، لا يحبذون مطالب ماكرون بفرض عقوبات على أنقرة، ولذلك فإن ميركل تحاول المضي قدما مع تركيا، بشأن مسائل مثل تجديد اتفاق اللاجئين ، والتمويل، وتحديث الاتحاد الجمركي،وقضية التِأشيرات، وتعمل على تخفيض حد التوتر بين أنقرة وأثينا حاليا.
ورجح الكاتب التركي، أن تعطي أنقرة ميركل المزيد من الوقت، ما يؤدي لانخفاض التوتر لفترة من الوقت، متوقعا أن تقتصر عمليات التنقيب مؤقتا على المناطق غير المتنازع عليها بين البلدين.
وأضاف، أنه واقعيا، لا يمكن حل العديد من المشاكل المتراكمة بين تركيا واليونان في الأجل القصير، واتي يكمن جذورها بمطالب اليونان المرتفعة السقف، وتبني الاتحاد الأوروبي لها.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي أخطأ خطأ كبيرا، بضم قبرص اليونانية له عام 2004، دون حل المشكلة القبرصية، ما ساهم بتعثر المباحثات بشأنها.
وشدد على ضرورة دعم مبادرة ميركل التي تمنح استراحة قصيرة للتوتر، من جميع عواصم الاتحاد الأوروبي.
ورجح أن فشل مبادرة ميركل، سيؤدي لعودة التوتر بشكل أكبر بين أثينا وأنقرة، بكافة أبعادها، من بحر إيجة إلى قبرص وشرق المتوسط.
المصدر: عربي 21