الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي يبتعدان عن سياسة فرنسا في مواجهة تركيا
لم تحصل فرنسا من طرف الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي على موقف داعم لها في الملف الليبي خلال الأزمة مع تركيا ولا سيما بعد الحادث الخطير بين سفينتين حربيتين للبلدين. وتتحفظ ألمانيا على سياسة باريس بينما تفضل حكومة روما الميل والتنسيق مع أنقرة.
وجرى الحديث عن الحادث البحري دون معلومات دقيقة، بينما ما وقع كان خطيرا وكاد يتسبب في مواجهة عسكرية في عرض البحر. فقد رصدت سفينة حربية فرنسية من نوع كورفيت (أقل من فرقاطة)، وفق مجلة ماريان، سفينة شحن دولية تسمى “شركين” واشتبه في حملها عدة مرات معدات حربية نحو ليبيا، وتطبيقا لأمر رئاسي من إيمانويل ماكرون، اقتربت الكورفيت الحربية، التي تعمل ضمن قوات الحلف الأطلسي وعملية إيرني التي تراقب السواحل الليبية، من سفينة الشحن وطلبت منها تقديم معطيات تعريفية.
وجاء الرد من فرقاطتين تركيتين قامتا بتشغيل ما يعرف بـ”إضاءة الرادار”، أي وضع الكورفيت الفرنسية في مرمى الصواريخ التركية، وهي الخطوة الأخيرة قبل إطلاق النار، وقتها أمرت باريس الكورفيت الفرنسية بالانسحاب وترك سفينة “شكرين” إتمام إبحارها نحو ميناء مصراتة غرب طرابلس. وتبين لاحقا أن السفينة كانت محملة بمدرعات ومدافع من نوع 105 ملم ومضادات للطيران من نوع هاوك الأمريكية.
ولم تحصل فرنسا على تأييد أوروبي واضح، فقد انتقل وزير الخارجية إيف لودريان إلى برلين يوم 19 يونيو الجاري لمعالجة عدد من الملفات، ولم يكن هناك موقف ألماني واضح للتنديد بسياسة تركيا خاصة حادث الفرقاطة. ويأتي موقف برلين لأسباب متعددة، وعلى رأسها تحفظها الكبير على سياسة باريس التي تنسق مع دول مثل الإمارات العربية والسعودية ومصر في الملف الليبي على حساب الموقف الأوروبي. فقد عارت ألمانيا بيع أسلحة لهذه الدول بسبب حرب اليمن ولا يمكنها تأييد سياسة باريس التي تساند إرسال هذه الدول أسلحة إلى ليبيا. وترى برلين ضرورة تبني موقف الحياد بدل الانحياز لا سيما وأن باريس منحازة لصالح طرف يفتقد للشرعية الدولية وهو خليفة حفتر.
ولا تخفي إيطاليا الدولة الأوروبية الأقرب إلى ليبيا وذات المصالح الكبرى في هذا البلد المغاربي، رفضها للتصرف الفرنسي بل تميل إلى دعم الموقف التركي. وقد زار وزير خارجيتها لويجي دي مايو أنقرة الأسبوع الماضي وترك انطباعا واضحا بتفهمه وتأييده النسبي للتحرك التركي على حساب فرنسا. وأعربت روما في مناسبات عن قلقها من سياسة باريس، لأنها بحربها ضد نظام معمر القذافي والتسبب في الحرب الأهلية تسببت في أكبر موجة في تاريخ الهجرة غير القانونية التي عانت منها إيطاليا وشكلت فرصة لظهور اليمين المتطرف بقوة في هذا البلد وفي باقي أوروبا. وجاءت زيارة لويجي دي مايو إلى طرابلس الأربعاء من الأسبوع الجاري لتترك موقفها واضحا ضد حفتر ومخططات باريس.
وبدوره كان موقف الحلف الأطلسي باردا رغم أن السفينة الحربية الفرنسية كانت تتحرك في إطار مهام الحلف لمنع وصول الأسلحة إلى ليبيا، فقد تعهد الأمين العام لهذه المنظمة العسكرية الغربية جانس ستولتنبرغ بفتح تحقيق فيما جرى دون إدانة تركيا. موقف الحلف الأطلسي البارد هو الذي دفع بالرئيس ماكرون إلى الحديث عن الموت السريري للحلف.
ولا ترغب الدول الأوروبية في فتح صراع حول الملف الليبي بعدما تبين أن الحسم فيه أصبح بين روسيا وتركيا ولا مجال للاتحاد الأوروبي في لعب دور بارز في التطورات المقبلة.
المصدر: القدس العربي