الأمير المجاهد عبد القادر الجزائري
هو عبد القادر بن محيي الدين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبد القادر بن أحمد بن محمد بن عبد القوي بن يوسف بن أحمد بن شعبان بن محمد بن أدريس الاصغر بن إدريس الأكبر بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن فاطمة بنت محمد بن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجة على بن أبي طالب رضي الله عنه فهو من آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم وينتسب للأدارسة الذي حكموا المغرب العربي في القرن التاسع الميلادي
ولد الأمير عبد القادر قرب مدينة معسكر بالغرب الجزائري يوم الثلاثاء الموافق السادس من سبتمبر عام 1808 م.
تلقى تربيته بالزاوية التي كان يتكفل بها أبوه محي الدين ، ثم تابع دراسته بأرزيو ووهران على يد علماء أجلاء حيث أخذ منهم أصول العلوم الإسلامية والأدب العربي والفلسفة والتاريخ والرياضيات وعلم الفلك.
وفي عام 1826، ولم يكن عمره يتعدى الثامنة عشرة ، ارتحل مع والدة للبقاع المقدمة لأداء فريضة الحج ليتجه بعدها لبغداد قاصدا زيارة ضريح الولي عبد القادر الجيلاني، مؤسس جمعية القادرية التي تضم زاوية القطنة.
وبعد الاستيلاء الفرنسيين على مدينة الجزائر العاصمة عام 1830 م، شارك محي الدين وابنه عبد القادر المقاومة الشعبية التي خاضها الجزائريون ضد المستعمر الفرني، وقد أثبت الأمير عبد القادر خلال هذه المقاومة الشجاعة والحنكة.
تجتمع بعدها قبائل المناطق الغربية لاختيار قائد لها ليقودهم للدفاع عن البلاد حيث وقع اختيارهم على محي الدين. غير أن هذا الأخير أعتذر يعتذر بسبب تقدمه بالسن واقترح بدلا منه ابنه عبد القادر، وبإقبال كبير بايعوه أميرا عليهم في تجمع ضخم بتاريخ 21 نوفمبر 1832 م.
وتعهد الأمير بقيادة المقاومة ضد المستعمر الفرنسي، فقام بتنظيم الإمارة، وقام بتعيين خلفاء له لتسيير الأقاليم والمقاطعات وقام بتعبئة المقاومين فكون جيشا قويا متماسكا. ثم قام كذلك بتنظيم الجباية لدعم المقاومة. وبعد أن قويت شوكته، وخاض معارك طاحنة مع المستعمر الفرنسي، لم يجد الفرنسيين إلا توقيع معاهدة “ديميشال” في 24 فبراير 1834 م. وأقرت هذه المعاهدة سلطته على الغرب الجزائري والشلف.
وبعد المصادقة عليه من طرف الحكومة الفرنسية، أساء تطبيقها من قبل الفرنسيين كعادة المستعمر الاوربي بنقض المعاهدات*.
فقام الأمير عبد القادر بالإغارة على الجيش الفرنسي وتكبيله خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات طيلة ثلاثة سنوات مما أجبر الفرنسيين للعودة للمفاوضات حيث وقع الجنرال بيجو معاهدة “التافنة” الشهيرة بتاريخ 30 مايو 1837 م.
وبهذه المعاهدة الجديدة سيطر الأمير على الغرب الجزائري، ومنطقة التيطري وجزء من منطقة الجزائر.
انطلاق بعد ذلك بعمل شاق يتمثل في تقوية جيشه، وبناء وتحصين المدن وتأسيس معسكرات تدريب وعمل على بعث روح الجهاد بين المواطنين، وأطاح بالعملاء المتعاونين مع المستعمر الفرنسي.
ولكن المعاهدة الجديدة خرقها المستعمر الفرنسي كالعادة وأساء الفرنسيين تطبيق كالعادة فاندلعت الحرب مرة أخرى في نوفمبر 1839م.
فقد قام القائد الفرنسي “بيحو” بمحاولة السيطرة على كل البلاد فطبق سياسة “الأرض المحروقة” فدمر بذلك المدن ودمر المحاصيل الزراعية والمواشي. فقام الجيش الجزائري بقيادة الأمير عبد القادر بمقاومة الجيش الفرنسي، حيث يسجل انتصارات جلية مثل انتصار سيدي ابراهيم (23 سبتمبر 1845). لكن سياسة التدمير المتبعة من قبل المستعمر وتخلي المغرب عن مساندة الجزائريين.
أوقف الأمير المعارك وستسلم في ديسمبر 1847 م حيث نقل الأمير إلى سجون فرنسا (تولون، بو وأمبواز) ثم يقرر نابليون الثالث وبعد ضغط من العثمانيين إطلاق سراحه، فينفى إلى تركيا ويمكث قليلا في بروسيا ثم يقرر الإقامة بصفة نهائية في دمشق والتي كانت خاضعة للدولة العثمانية.
يقوم الأمير بعدها بأسفار قليلة ويحج إلى البيت الله الحرام.
بعدها لم يبرح دمشق ويخصص بقية حياته في الدراسة و التدريس، والعبادة والأعمال الخيرية.
وفي عام 1860 م، وتبعا لأحداث دمشق، والتي اندلعت بين المسلمين والمسيحيين الذين استقوا بالمستعمر، فثار عليهم المسلمين وكادت تقع مذبحة رهيبة لهم، ولكن الامير الأمير الإنسان أستطاع بحنكته أن ينقذ ألاف المسيحيين من مجازر أكيدة ويوقف الثائرين الشاميين ، بسبب مكانته العالية عندهم وما يحضا به لديهم. توفي الأمير في المنفى بدمشق بتاريخ 26 مايو 1883 م. وقد شاركت جموعا غفيرة من أهل الشام في مراسيم تشييع جنازته.
رحم الله مجاهدنا الكبير واسكنه فسيح جناته.
كتب الأمير عبدالقادر:
1- ذكرى العاقل (طبع بالجزائر) طبع عام 1856 و أعيدت طباعته عام 1877 حيث عرف حينها تحت اسم “رسالة إلى الفرنسيين”.
2- المقرض الحاد (طبع بالجزائر) حيث يدين الأمير أولئك الذين يتهجمون على الإسلام.
3- السيرة الذاتية (طبع بالجزائر).
4- المواقف (طبع بدمشق والجزائر).
وهناك العديد من الرسائل التي لم يتم جمعها إلى حتى الأن.
لوحة للفنان هوراس فيرني تبيّن معركة الزمالة، تحت قيادة الأمير المجاهد عبد القادر يوم: 16 مايو عام 1843 م
* للأسف معظم الانتكاسات والهزائم الذي تعرض لها المجاهدون في بلاد المسلمين ومنها البلاد العربية وثوق المجاهدين بمواثيق وعهود المستعمرين، فهؤلاء الناس ليس لهم عهود ولا مواثيق، ولو وضع المجاهدين نصب أعينهم أن الأوربيين قوم غدارين لانتصروا عليهم في منتهي السهولة، لأنهم ليسوا قوم قتال ولكنهم قوم غدر وخيانة.