مدينة طرابلس اللبنانية تنتفض ومحتجو بيروت ينادون بثورة
في ظل الحملات السياسية المتبادلة بين السلطة والمعارضة، إلتهب الشارع اللبناني المكوي بنار الدولار والغلاء مجدداً، ولم ينتظر تخفيف إجراءات التعبئة العامة بسبب كورونا، بل نزل المحتجون إلى الطرقات مجدداً مقفلين عدداً من الأوتوسترادات الرئيسية.
وفيما كانت عاصمة الشمال طرابلس تشهد أكبر عملية كرّ وفرّ بين المتظاهرين والجيش اللبناني بعدما تمّ الإعلان عن وفاة الشاب فواز السمّان، الذي أصيب نتيجة المواجهات ليل الإثنين الثلاثاء، سُجّل في الساعات القليلة الماضية أكثر من اعتداء على المصارف في شارع التل في طرابلس. ورشق المتظاهرون الجيش بالحجارة والمفرقعات، وأحرقوا سيارتين لقوى الأمن الداخلي والشرطة القضائية، قبل أن يستقدم الجيش تعزيزات وآليات مدرّعة من دون التمكّن من تفريق المحتجين بشكل حاسم، على الرغم من استخدامه القنابل المسيلة للدموع وتمشيطه المنطقة شارعاً شارعاً.
وفيما كانت الأنظار مشدودة إلى طرابلس، نزل متظاهرون إلى وسط بيروت ونفّذوا أعمال شغب ضد بعض الممتلكات الخاصة وحاولوا تحطيم واجهات «بنك عودة» عند تقاطع الأشرفية المؤدي إلى الحمرا، وحاولوا قطع جسر الرينغ، إلا أن فرقة مكافحة الشغب تدخّلت لمنعهم من هذه المحاولات، فيما كان المحتجون يردّدون شعارات «مش سلمية مش سلمية هيدي ثورة شعبية».
تزامناً، جدّد رئيس الحكومة اللبنانية حسّان دياب التأكيد على «أن العبث بالاستقرار الأمني ممنوع، ويجب أن تكون هناك محاسبة لهؤلاء العابثين، والدولة لن تقف مكتوفة الأيدي». ورأى أن «ما حصل في بعض المناطق من اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وما تخلّله من استهداف للجيش اللبناني والاعتداء على جنوده، يؤشّر إلى وجود نوايا خبيثة خلف الكواليس لهزّ الاستقرار الأمني، وهذا لعب بالنار، وسيحرق أصابع أولئك الذين يريدون الاستثمار بدماء الناس لمصالحهم».
وقال دياب خلال جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية التي أقرّت 4 تدابير آنية لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة «نحن اليوم أمام واقع جديد، واقع أن الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية، وجزء منها بفعل فاعل، خصوصاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستويات قياسية».
وأضاف «… من الطبيعي أن يخرج الناس إلى الشارع، وأن يفجّروا غضبهم مجدداً، كما فعلوا في انتفاضة 17 تشرين الأول(أكتوبر)، خصوصاً بعدما تبيّن لهم وجود محاولات سياسية لمنع الحكومة من فتح ملفات الفساد».
وأكد «نرفض بشدة كل المحاولات الخبيثة لتشويه هذا التعبير بحرفه عن مساره عبر تحويله إلى حالة شغب لخدمة مطامع ومصالح وحسابات شخصية وسياسية».
وناشد رئيس الحكومة «اللبنانيين الذين خرجوا ضد الفساد والفاسدين الذين تسبّبوا بهذه الأزمة الخانقة، أن يقطعوا الطريق على أي محاولة لخطف ثورتهم…».
وفي المواقف السياسية، كتب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية على «تويتر» ما يلي: «مرحلة جديدة تلوح في الأفق بشعة وقاسية على الوطن، تحتاج إلى صبر وقوة ورباطة جأش وإيمان، وإلى شعب يؤمن بقوته وبمستقبل بلده ولكن من بعدها سيلوح أفق لا مكان للدجّالين فيه. والتاريخ لن يرحم أحداً».
أما نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم فلفت إلى «أن حاكم مصرف لبنان يتحمّل مسؤولية ما وصلنا إليه لكن ليس لوحده».
وأكد»أن هناك أطرافاً تريد إسقاط الحكومة لكنَّ إمكاناتها والظروف الموضوعية لا تسمح لها بالوصول إلى هذا الأمر»، مشدداً على أن «الحكومة قوية وثابتة ومتماسكة».
في غضون ذلك، أُعلِن عن تلقّي حسان دياب اتصالاً من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الذي أعرب عن «تأييد فرنسا لبرنامج الحكومة الإصلاحي، واستعدادها لمساعدة لبنان مع صندوق النقد الدولي». كما شدد لودريان على «نية فرنسا عقد اجتماع لمجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقة بوباء كورونا». أما السفيرة الأمريكية دوروثي شيا التي زارت دياب، فأعربت عن «استيائها من الطابع غير السلمي الذي يطغى على التظاهرات»، وجدّدت «التأكيد على وجوب التعاون مع صندوق النقد الدولي».