قصة الصهيوني المسلم الذي استخدمه الكيان الإسرائيلي لإقامة علاقات دبلوماسية مع باكستان
لا تعترف باكستان بإسرائيل كـ”دولة” وهي عادة ما تندد بجرائم الاحتلال في فلسطين، وهناك مشاعر مؤيدة لحقوق الفلسطينيين في البلاد، باستثناء مواطن باكستاني واحد يلقّب نفسه بـ”الصهيوني المسلم”، ويدعو علانية لإقامة علاقة “صداقة” مع الكيان الصهيوني، فما هي قصته؟
تشير صحيفة “الاندبندنت” البريطانية (نسخة الأوردو) في تقرير نشرته أخيرا، إلى أن السلطات الباكستانية اعتقلت قبل أيام رجلا يُدعى خليل الرحمن رحيمي، ويُسمّي نفسه “ديفيد آرييل”، كما أزالت خيمة احتجاجية أقامها وسط العاصمة إسلام أباد، ورسم عليها نجمة داود، كما استخدمها للترويج لإقامة علاقات “صداقة” بين باكستان وإسرائيل.
من هو ديفيد آرييل؟
ولد خليل الرحمن عام 1973 لأسرة دينية معروفة في البنجاب، أكبر مقاطعة في باكستان. وتلقى تعليمه الديني في مسقط رأسه، وبدأ التدريس في المدرسة التي أنشأها والده وأصبح يعرف باسم مولانا خليل الرحمن رحيمي.
ولم تكن عائلته منذ البداية راضية عنه بسبب أعماله التي جلبت “العار” لها، وهو ما دفع والده لإبعاده إلى ماليزيا، قبل أن يقرر جميع أفراد العائلة مقاطعته كليا وحرمانه أيضا من ميراث العائلة.
وقبل سبع سنوات، قام رحيمي بحلق لحيته الطويلة كما غير اسمه إلى ديفيد آرييل، كما لقّب نفسه بـ”صهيوني مسلم”، وبدأ بسلسلة حملات يدعو فيها لإقامة علاقات ودية بين باكستان وإسرائيل.
وفي مقابلة عبر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ادّعى رحيمي أن بعض الكائنات المقدسة جاءت إليه في المنام وطلبت منه أن يغير اسمه، وتمكّن في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، من الحصول على بطاقة هوية أخرى باسمه الجديد. لكنه عندما حاول الحصول على جواز سفر باسم جديد، طلب إزالة ما أسماه “الكلمات المزعجة” ضد إسرائيل في جواز السفر الباكستاني، وهو ما دفع السلطات لحظر جواز سفره بشكل نهائي.
وكان حينها يعمل في شركة خاصة في إسلام آباد، لكن تم فصله من العمل بعد تغيير اسمه وقيامه ببعث رسائل إلى إسرائيل. وبعد فصله من العمل ، لجأ ديفيد أرييل إلى نصب خيمة أمام نادي الصحافة الوطني.
سفير إسرائيل في باكستان
خلال احتجاجه أمام نادي الصحافة الوطني، بدأ ديفيد آرييل بإرسال فيديوهات يومية عبر حسابه على موقع فيسبوك يدعو فيها إلى إقامة “علاقات صداقة” بين باكستان وإسرائيل “حتى يتمكن المواطنون الصهاينة من الأقليات مثلي الذين يعيشون هنا من الذهاب إلى القدس”، مدّعيا وجود 10 ملايين باكستاني يرغبون بالذهاب إلى القدس، والإقامة في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل.
ويقول في أحد الفيديوهات: “أريد أن أذهب أنا وغيري من الصهاينة الباكستانيين إلى القدس وهذا يتطلب علاقات دبلوماسية بين البلدين. الصهيونية لا علاقة لها بالدين ويمكن للشخص أن يكون صهيونيا حتى لو كان مسلما!”.
لكن ما لم يذكره آرييل هو أنه انضم خلال وجوده في ماليزيا إلى ما يُسمى “التحالف الباكستاني – الإسرائيلي” وهو منظمة أسسها البريطاني الباكستاني، نور الظاهري، عام 2016 في بريطانيا، وتهدف لإقامة علاقات دبلوماسية بين باكستان وإسرائيل. لكن سرعان ما تم حلّها لاحقا.
ويبدو أن إسرائيل حاولت استغلال خليل الرحمن رحيمي (ديفيد آرييل) لإقامة علاقات مع باكستان، بعد فشل منظمة الظاهري، حيث بات يلقّبه البعض بـ”سفير إسرائيل في باكستان”.
ورحب عدد كبير من الباكستانيين باعتقال رحيمي، حيث نشر أحد النشطاء فيديو قال إنه يوثق إحراق خيمة رحيمي من قبل بعض الباكستانيين، وعلّق بقوله: “يبدو أن إسرائيل نجحت في استغلال ديفيد آرييل، ولكن خيمته أُضرمت فيها النيران وتحولت إلى رماد الآن!”.
ودوّن الشيخ محمد شهيد فضل تحت عنوان “مسلم أم يهودي؟”: “مولانا خليل الرحمن رحيمي، الذي ينتمي إلى عائلة دينية وكان هو نفسه مدرساً في مدرسة دينية، غير اسمه فجأة إلى ديفيد آرييل. ويعرض نفسه كمسلم صهيوني. (…) هل يمكن للشيطان أن يضلل الإنسان إلى هذا الحد؟”.
وعلى مدى عقود، شهدت العلاقات الباكستانية الإسرائيلية توترا كبيرا في مناسبات عدة، وخاصة بسبب المواقف الباكستانية الإيجابية من القضية الفلسطينية، حيث سبق أن شاركت القوات الباكستانية في مساعدة الفلسطينيين والعرب في حربهم ضد إسرائيل ، وخاصة خلال نكبة 1948 ونكسة حزيران 1967.
ويبدو أن مواقف إسلام أباد المؤيدة لفلسطين دفعت إسرائيل لمحاولة قصف المنشآت النووية الباكستانية عام 1986، بالتعاون مع الهند، لكنها فشلت بعد كشف المخابرات الباكستانية للمخطط، قبل أن تعد باكستان لرد انتقامي يتمثل بهجوم جوي ضد بعض المنشآت العسكرية الإسرائيلية، لكنها عدلت لاحقا عن هذه الخطة.
القدس العربي