الإنكار والخوف والدكتاتورية كارثة كورونا في مصر
قال الكاتب ديفد هيرست إن “فيروس كورونا المستجد ينتشر في مصر، سواء أنكرت السلطات ذلك أم لا”.
وأضاف في مقاله، الذي نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، أن الكثير من الحكومات كافحت للتأقلم مع حقيقة تفشي فيروس كورونا، وأن ردّ فعل مصر في بداية تفشي المرض تمثل في إرسال وزيرة الصحة هالة زايد إلى الصين تضامنا مع شعبها.
وأكد أن الحالة الوحيدة التي أُعلن عنها في مصر تمثلت في مواطن صيني اكتشفت إصابته لدى وصوله مطار القاهرة، ثم غادر المستشفى في مارس/آذار الحالي.
وذكر الكاتب أن ما لا يقل عن 97 أجنبيا زاروا مصر منذ منتصف فبراير/شباط الماضي ظهرت عليهم أعراض الفيروس أو ثبتت إصابتهم به، لذلك كان أخصائيو الأمراض المعدية من جامعة تورنتو يشككون في التفاوت بين المعدلات الحقيقية المقدمة من قبل السلطات الرسمية ومعدلات الإصابة المحتملة.
ووفقا للكاتب فقد قدر العلماء الكنديون باستخدام بيانات المسافرين والرحلات الجوية ومعدلات الإصابة، أن تفشي المرض في مصر يبلغ حوالي 19310 حالة، مؤكدين أنه “من المرجح أن لدى مصر عبئا كبيرا من حالات فيروس كورونا التي لم يجر الإبلاغ عنها، ومن المحتمل أن تساعد زيادة القدرة السريرية للصحة العامة في تحديد الحالات وعلاجها”.
وأضاف عندما أبلغت مراسلة صحيفة غارديان البريطانية بالقاهرة روث مايكلسون عن حقائق متعلقة بكورونا في مصر، ونشر رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز ديكلان والش تغريدة حول هذا الشأن، أعلنت السلطات إلغاءها تصريح الصحافة الخاص بمايكلسون، واتهمتها بـ”السلوك العدواني المتكرر والمتعمد”، في حين اتهمت والش بارتكاب”انتهاكات مهنية”.
كما طلبت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من غارديان نشر اعتذار. في غضون ذلك، أقرّت وزارة الصحة بوجود حوالي 166 حالة إصابة فقط وأربع حالات وفاة.
وبعد أشهر من الإنكار بحسب الكاتب، أغلق الرئيس عبد الفتاح السيسي المدارس والجامعات لمدة أسبوعين، وأعلن أنه سينفق 6.4 مليارات دولار لتمويل إستراتيجية مكافحة فيروس كورونا، ولكن بالطبع ستخصص معظم هذه الأموال للجيش، إذ غالبا ما يطالب الجيش بحصة من الأموال الموجهة للشعب.
ملاحقة أمنية
وأشار الكاتب إلى أن المواطنين المصريين يتعرضون للاعتقال إذا كشفوا عن معلومات حقيقية تتعلق بالأعداد الصحيحة لحالات الإصابة بكورونا، لافتا إلى أن العدد الإجمالي للاعتقالات يبلغ سبعة معتقلين.
وأضاف أن السلطات اعتلقت مواطنين مصريين بدعوى نشر شائعات كاذبة ومفبركة، مدعية أن مصر بعيدة كل البعد عن انتشار الفيروس على نطاق واسع في البلاد وعدم قدرة الدولة على مواجهته.
وقال إن “المصابين بالفيروس بمصر يعانون في صمت لأن عليهم عدم الكشف عن إصابتهم بالفيروس، فعلى سبيل المثال هددت قوات الأمن المحلية أحد المصابين الذي ذهب إلى المستشفى في مدينة في دلتا النيل بأنه إذا أعلن أنه مصاب بالفيروس فستُعاقب عائلته”.
وأفاد الكاتب بأن تفشي كورونا على السفينة السياحية “سارة ايه”، التي كشفت الاختبارات أن 44 من أفراد طاقمها وركابها كانوا حاملين للفيروس، أدى إلى انتشار الفوضى والرعب في الأقصر، مما دفع الفرق الطبية للقدوم إلى المدينة من القاهرة وقنا، وزيارة ردهات ومطاعم الفنادق في المنطقة لإجراء اختبارات عشوائية للعمال والضيوف.
وتطرق الكاتب إلى أن سبب الخوف من تفشي جائحة كورونا في مصر هو أنها تخشى أن يتدهور قطاع السياحة في البلاد، الذي بلغت إيراداته 12.57 مليار دولار العام الماضي، حيث شهدت إيراداته انخفاضا في البداية بعد الانتفاضة الشعبية يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011 ثم مرة أخرى في عام 2015 عندما أُسقطت طائرة الركاب الروسية.
خدمة صحية متدهورة
وذكر الكاتب أن مصدرا مطلعا من المجتمع الطبي العربي البريطاني أعلمه بأن هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية لاحظت العام الماضي زيادة في عدد الأطباء القادمين من مصر، وبدأت في التحقيق في إمكانية استقطاب المزيد.
وأكد أن الأطباء المصريين المتخصصين يقضون معظم أوقاتهم في العمل في المستشفيات الخاصة ويعملون في مناصب غير مناصبهم الرسمية لشهور متتالية، مما أدى لتدهور الخدمة الصحية المصرية.
ينطبق الأمر ذاته، وفقا للكاتب، على نظام السجون المصري المكتظ الذي انتشرت فيه الأمراض وكان بمثابة شرك للموت، فقد استُخدمت الظروف المروعة وسط السجن وسيلة لترويع المعارضة السياسية للحكام العسكريين في مصر.
وأوضح الكاتب أن نظام السجون المصري يمثل مصدرا لانتشار كورونا وغيره من الأمراض، وأن الرعاية الطبية غير الكافية تهدد آلاف السجناء المرضى، فقد أظهرت تقارير سابقة لهيومن رايتس ووتش أن مسؤولي السجن تركوا العديد من السجناء في السنوات الأخيرة ليلقوا حتفهم، على الرغم من أنه من الممكن السيطرة على أمراضهم مثل مرض السكري أو أمراض القلب.
وختم مقال بأنه “يتعين على المجتمع الدولي، إذا كان مثل هذا المفهوم ما زال موجودًا، أن ينظر حقًا فيما يحدث بمصر، لأن تفشي الفيروس سيدمر الاقتصاد وسيحطم السياحة ويضعف الاقتصاد العالمي، علاوة على ذلك، سيضعف الفيروس اقتصاد الخليج، حيث يوجد في المملكة العربية السعودية وحدها مليونا عامل مصري.