تحذير لورسيا الحرب القادمة ستكون حرب شوارع.. وستندمون
لم تفلح المفاوضات الدبلوماسية في إقـناع روسيا، الداعم الأكبر لنظام الأسد بالتخلي عن الحل العسكري، والسير قدمًا نحو حل سياسي عبر بوابة اللجنة الدستورية تحت مظلة الأمم المتحدة، وهو ما بدا واضحًا من خلال التصعيد العسكري غير المسبوق في إدلب وريف حلب.
تراهن روسيا ونظام الأسد على حسم المعركة في إدلب عسكريًا، ما يكسـبها ورقة سـياسية تجعل موقفها قويًا في حال العودة إلى طاولة اللجنة الدستورية، التي دخلت في طي النسيان بعد جولة ماضية فاشلة الشهر الماضي.
لكن الهجوم المباغت للفصائل والذي أسفر عن خسائر في قوات الأسد، خلال اليومين الماضيين، أعطى انطـباعًا بأن معارك التقدم في إدلب لن تكون سهلة كما حدث في عدة مناطق، خاصة في ظل تهديد أمريكي باتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية ضد روسيا ونظام الأسد، إلى جانب تهديدات تركية برفع يدها عن الفصائل وتحويل المعارك إلى “حرب شـوارع” يصعب السيطرة عليها.
خلال زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى تركيا، في 8 من كانون الثاني الحالي، اتفق الطرفان على وقف إطلاق النار والهجمات البرية والجوية في إدلب، وتحديد فجر الأحد، 12 من كانون الثاني الحالي، موعدًا لبدء العمل بالاتفاق، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية.
إلا أن روسيا خرقت الاتفاق، وبدأت بالتصعيد، ما أزعج الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أكد، الجمعة الماضي، أن “ما يجري في محافظة إدلب يُثير الإزعاج”، مضيفًا أنه سيناقش ملف إدلب مع نظيره الروسي خلال قمة برلين حول ليبيا.
وشنت الطائرات الحربية التابعة لقوات نظام الأسد وروسيا غارات مكثفة على عدة مناطق في إدلب، ما أدى إلى قتلى وإصابات بالعـشرات، وخاصة في المدينة الصـناعية في مدينة إدلب، حيث نفذ الطـيران الحربي مجزرة راح ضحيتها 19 مدنيًا، بينهم طفلان، إضافة إلى إصابة 68 شخـصًا، بينهم 19 طـفلًا وأربع نـساء، بحسب أرقام “الدفاع المدني.
كما بدأ الطـ.ـيران باستـ.ـهداف مدن وبلدت ريف حلب الغربي، في محاولة لتفـ.ـريغ المنطقة من المدنيـ.ـين وزيادة الضـ.ـغط على تركيا عبر توجه اللاجئـ.ـين إلى حدودها، لكن تصريحات تركيا خلال اليومين الماضين تضمـ.ـنت رسائل واضحة إلى موسكو.
الرسالة الأولى كانت في تصريح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الذي قال خلال لقاء على قناة “CNN TÜRK“، في 15 من كانون الثاني الحالي، إن نظام الأسد يؤمن بالحـل العسكري، ويجب إيقافه، وفي حال تحول الصراع إلى حرب شوارع، فلن تنتهي هذه الحرب.
وأضاف جاويش أوغلو أن وقف إطلاق النار لن ينهار، ولكن إذا استمرت الهجمات والانتهاكات فلن يكون من الممكن الحديث عن وقف إطلاق النار، مطالبًا الفـصائل السورية بحـماية نفسها في مواجهة هجمات نظام الأسد.
وحاول الوزير التركي إرسال رسالة إلى موسكو بالذهاب إلى خيار الحرب في حال استمرار التصعيد، وأن أنقرة غير مسؤولة عما يحدث على الأرض، بحسب القيادي في الجيش الحر، عـبد السلام عبـد الـرزاق.
واعتبر القيادي، في حديث إلى عنب بلدي، أنه خلال السنوات الماضية، وما حملته من اتفاقيات في محادثات “أستانة” و”سوتشي”، كان واضحًا التفاهم الروسي- التركي على مهـمة تركية وهي كبـح جـماح الفصائل وضـبط تحركاتها.
لكن روسيا بدأت تشعر بأنها ليست بحاجة إلى تركيا بعد حـصر نشاط المعارضة في منطقة واحدة، وبذلك تستطيع الذهاب في الحـل العسكري حتى النهاية، وهو ما جعل لقاءات رئيسي البلدين دون أي تأثير على الأرض، ولم يدم وقـف إطلاق النار سوى ساعات، بحسب القيادي.
يعتبر تلويح جاويش أوغلو بالتحول إلى حرب شـوارع في سوريا، رسالة إلى روسيا ومحاولة للضغط عليها لإيقاف الحملة العسكرية والعودة إلى طاولة المفاوضات السياسية، لأن حرب الشـوارع عسكريًا من أصعب الحروب التي تخوضها الجيوش في العالم، ويتلاشى فيها الفارق بالإمكانيات من سلاح وعتاد، وتكون الغلبة دائمًا لأصحاب الأرض، بحسب عـبد الرزاق، الذي اعتبر أن “حرب الشوارع قد تشكل رعبًا للروس، خاصة إذا اقتربت من المدن الكبرى مثل إدلب، أو إذا فتحت جبهة حلب، والـثوار ما زالوا في ضواحي حلب.
وسبق ذلك بدء الفصائل المقاتلة في إدلب وريف حلب بإقامة معسكرات ودورات تدريبية مغلقة مختصة بالقتال ضمن المدن وحرب الشوارع، الشهر الماضي، بحسب ما قاله مصدر عسكري (تحفظ على ذكر اسمه)، لعنب بلدي، وهو ما أكده عبد الرزاق بقوله، إن الفصائل المقاتلة خرّجت دورات على مستوى عالٍ من الحرفية في قتال الشوارع وهي جاهزة في أي لحظة؟
كما سبق ذلك إصرار الرئيس التركي على تنفيذ مخطـطات أنقرة في سوريا وعدم التراجع عن خطواتها، وأكد خلال كلمة له، في 8 من كانون الثاني الحالي، بحسب وكالة الأناضول، أن تركيا ستواصل البقاء في سوريا حتى تأمين حدودها الجنوبية بشكل كامل، وقد تواصل التقدم أكثر.
شهدت الأيام الماضية الحديث عن انخراط أمريكي في ملف إدلب بشكل جدي، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، عبر تقديم دعم إلى فصائل المعارضة السورية.
واتفقت تركيا والولايات المتحدة على ضرورة الالـتزام بوقف إطلاق النار في إدلب، وجاء ذلك في بيان، في 16 من كانون الثاني الحالي، بعد لقاء المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، روبرت أوبراين.
كما اعتبرت السفارة الأمريكية في سوريا، عبر حسابها في “تويتر”، القـصف الجوي والمدفعي على المدنيين والمراكز الصحية والمنشآت المدنية في إدلب، أمرًا مخـجلًا يدينه المجتمع الدولي، خاصة أنه جاء بعد أسبوع من زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سوريا.
وأكدت السفارة أن “الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لاتخاذ الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد، وأي دولة أو فـرد يدعم أجندته الهمجية، في حال استمرار الهجمات.
الموقف الأمريكي لم يقتصر على تصريحات سياسية، وإنما تعدى ذلك إلى دخول واشنطن إلى الملف بلقاءات مباشرة بين ممثلين عن الفصائل العسكرية في المعارضة ومسؤولين أمريكيين، بحسب عبد الرزاق، الذي يعتقد أنه ستكون هناك لقاءات أوضح وأكثر جديه خلال الفترة المقبلة.
وفي ظل محاولة تركيا توحـيد موقفها مع واشنطن في مواجهة الروس بالملف السوري وخاصة إدلب، وصل دعم عـسكري إلى الفصائل خلال الأيام الماضية، بحسب مصدر عسـكري في غـرفة عمليـات “الفتح المـ.ـبين”، أكد لعـنب بلدي أن دعمًا لوجستيًا دخل خلال الأيام الماضية إلى الفصائل.