هناء الزباخ باحثة مغربية تتألق عالميا في بحوث علاج السرطان
تجسد الباحثة المغربية الشابة هناء الزباخ نموذجا ملهما للشباب والمرأة في العالم العربي، وتدرس مواد كيميائية طبيعية مستخلصة من الطحالب البحرية لاستعمالها كمضادات للخلايا السرطانية وللالتهاب، وذلك خلال رحلة بحث تقوم بها في إسبانيا.
وحازت هناء على الإجازة (الليسانس) في تخصص البيولوجيا عام 2006 والماجستير عام 2008 من كلية العلوم في تطوان، وعلى دكتوراه البيولوجيا من كلية العلوم بجامعة عبد المالك السعدي المغربية بالاشتراك مع كلية الصيدلة بجامعة إشبيلية بإسبانيا عام 2014.
كما حصلت عقب شهادة الدكتوراه على منحة من كل من الحكومة المغربية للدراسات وإيراسموس بالنمسا والاتحاد الأوروبي لإجراء دراسات جديدة، وعلى منحة من الحكومة الإسبانية لمدة ثلاث سنوات لتكملة أبحاث الدكتوراه في كلية الصيدلة بإشبيلية.
مركز أبحاث الأمير فيليبي
التحقت هناء بمركز أبحاث الأمير فيليبي في فالنسيا بإسبانيا للمساهمة في الأبحاث التي تعنى باستخدام الطحالب البحرية لمعالجة السرطان.
وتقول إنها “التحقت بمركز الأمير فيليبي في فالنسيا بتمويل ودعم من منظمة نساء أفريقيا لعام 2018-2019، وتم اختياري من بين آلاف الباحثات في شتى المجالات العلمية نظرا لأهمية مجالِ بحثي على الصعيدين العلمي والإنساني، ولأهمية وجدية وكفاءة الأبحاث والدراسات التي قمت بها”.
وتوضح هناء في حديث للجزيرة نت أن المشروع الذي ستطوره يتمحور أساسا حول مستخلصات الطحالب البحرية ودورها الفعال في علاج سرطان الدم، وأنها ستجري تجارب من أجل استخلاص مركبات كيميائية جديدة وفعالة للقضاء على الخلايا السرطانية وقتلها بدون أن تؤثر على الخلايا الطبيعية.
وتضيف أن هدف هذه الدراسة إيجاد الطرق والوسائل التي تستخدمها هذه المركبات الطحلبية للقضاء على الخلايا السرطانية.
بحوث علمية
نشرت هناء قرابة 20 مقالة بحثية في مجلات عالمية مرموقة، واكتشفت العديد من المواد المستخرجة من الطحالب مع فريقها العلمي.
وتقول للجزيرة نت “كانت بدايات بحثي منذ العام 2010 في كلية العلوم بتطوان وتمحور حول تأثير الطحالب البحرية كمضادات للبكتيريا والفطريات المضرة، وكانت أول تجربة بحث دولية مع فريق عمل دولي ما بين جامعة إشبيلية وقادس بإسبانيا، وهذه المرحلة كان لها دور كبير في تعميق الدراسة وتطويرها”.
وتشير هناء إلى أنها تمكنت خلال مدة بحثها ما بين المغرب وإسبانيا من استكمال الدكتوراه الأولى في المغرب، ثم توجهت إلى معهد العلوم والصيدلة الكيميائية بمدينة غراس في النمسا للقيام بدراسات جديدة تعقب مرحلة الحصول على الدكتوراه.
وتقول “هاته الفرصة فتحت لي المجال لدراسة طحالب جديدة مع فريق علمي دولي، وكان الهدف الرئيسي اكتشاف مدى تأثير المركبات المستخلصة على الأمراض الالتهابية ومعرفة الطريقة والوسائل التي تستخدمها هذه المركبات لمعالجة هذه الأمراض”.
وتضيف أنها عملت على نوع من الطحالب واستخلصت منه 14 مستخلصا كيميائيا نقيا، بينها 8 مركبات اكتشفت لأول مرة في العالم، مشددة على أهمية هذا الإنجاز في مسيرتها، وتقول إن “هذه المركبات لها قدرة على تدمير الخلايا السرطانية الخبيثة -خاصة سرطان القولون والرئة- دون أن يكون لها تأثير سلبي على الخلايا الحميدة، ووجدنا أن لها قدرة على معالجة الأمراض الالتهابية واعتبارها مضادات أكسدة ذات تأثير قوي”.
تكريم وطني ودولي
حظيت هناء عام 2018 بتكريم من الجامعة المغربية الأولى التي بدأ فيها شغفها بالعلوم والبحث، وتقول “في كل ما أقوم به من أبحاث أمثّل جامعتي وأساتذتي ومدينتي ووطني، وهذا التتويج له وقع على ذاكرتي ومثّل لقائي العلمي الأخير مع أستاذي حسن الرياضي قبل أن يتوفاه الله.. كان الأستاذ المشرف على الدكتوراه وأول الداعمين لي في المجال العلمي”.
ولم يقتصر تكريم هناء على المستوى المحلي، بل توجت ضمن خمس عالمات من المغرب العربي بجائزة “لوريال-اليونسكو” عام 2017 للنساء في العلوم، حول مشروعها المهتم بمكافحة السرطان وعلم الأدوية المضادة للالتهابات من الطحالب البحرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط بالمغرب.
وتشدد هناء على أهمية هذا التتويج وتقول إنها من أهم الجوائز التي حصلت عليها، وتمثل تتويجا لمسارها العلمي، ولها وقع إيجابي على مسيرتها لما تمثله من اعتراف دولي بمجهوداتها، كما فتح لها المجال لإيصال أبحاثها وطنيا ودوليا.
وتتطلع الباحثة المغربية إلى الاستقرار في وطنها واستثمار أبحاثها في النهوض بقطاع البحث العلمي في مجال أمراض السرطان وعلاجه بالمواد الطبيعية، وتقول إنها تسعى إلى تحقيق هذا الهدف.
خالد آيت ناصر-أغادير – الجزيرة نت