مخطوطة بالكونغرس تعود للقرن الـ19.. قصة مسلم خطف من افريقيا ةاصبح عبدا في أمريكا
كان عمر بن سعيد يبلغ من العمر 37 عاما عندما نُقل قسرا سنة 1807 من منزله في قرية فوت تور بالسنغال غرب أفريقيا إلى تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية جنوب شرق الولايات المتحدة، حيث استُعبِد 24 عاما، بحسب بيان مكتبة الكونغرس الأميركي التي تحتفظ بالمخطوط الأصلي للمذكرة المؤلفة من 28 صفحة.
نُقل ابن سعيد مستعبَدا في القرن التاسع عشر، وجرى أخيرا ترجمة مخطوطة سيرته الفريدة من نوعها التي كتبها بنفسه من لغتها الأصلية، وأدرجت في مكتبة الكونغرس، حيث تشكل المخطوطة تحديا يبطل السرد التقليدي المعتاد عن العبيد الأفارقة في أميركا الذين وصفوا طويلا بأنهم جهلاء وغير متعلمين ولا مثقفين.
ونشرت قناة “بي بي إس” (PBS) الأميركية فيلما وثائقيا قصيرا، يحكي كيف أمضت السيرة الذاتية لعمر بن سعيد المكتوبة باللغة العربية عقودا محفوظة في مجموعات خاصة، قبل أن تستحوذ عليها المكتبة عام 2017، وجرى لاحقا ترقيمها ليتمكن العالم من قراءتها، ويتعرف على قصص لم يسمع بها من قبل.
يقول ابن سعيد في مخطوطه المكتوب بعربية واضحة: “قبل مجيئي إلى البلد المسيحي، كان ديني هو دين محمد”، ويكمل قائلا: “ثم جاء إلى مكاننا جيش كبير قتل العديد من الرجال وأخذني وجلبني إلى البحر العظيم”.
وفي الفيلم الذي بثته القناة الأميركية، يقول علاء الريس -من جامعة مدينة نيويورك الذي درس وترجم كلمات عمر بن سعيد- إن عدم أميته وثقافته يتعارضان تماما ويلغيان السردية المتداولة التي تفيد بأن العبيد لم يكونوا مثقفين، بل كانوا في الواقع أشخاصا لهم تاريخ وثقافة وخلفية متميزة.
عمران عبد الله
كان عمر بن سعيد يبلغ من العمر 37 عاما عندما نُقل قسرا سنة 1807 من منزله في قرية فوت تور بالسنغال غرب أفريقيا إلى تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية جنوب شرق الولايات المتحدة، حيث استُعبِد 24 عاما، بحسب بيان مكتبة الكونغرس الأميركي التي تحتفظ بالمخطوط الأصلي للمذكرة المؤلفة من 28 صفحة.
نُقل ابن سعيد مستعبَدا في القرن التاسع عشر، وجرى أخيرا ترجمة مخطوطة سيرته الفريدة من نوعها التي كتبها بنفسه من لغتها الأصلية، وأدرجت في مكتبة الكونغرس، حيث تشكل المخطوطة تحديا يبطل السرد التقليدي المعتاد عن العبيد الأفارقة في أميركا الذين وصفوا طويلا بأنهم جهلاء وغير متعلمين ولا مثقفين.
ونشرت قناة “بي بي إس” (PBS) الأميركية فيلما وثائقيا قصيرا، يحكي كيف أمضت السيرة الذاتية لعمر بن سعيد المكتوبة باللغة العربية عقودا محفوظة في مجموعات خاصة، قبل أن تستحوذ عليها المكتبة عام 2017، وجرى لاحقا ترقيمها ليتمكن العالم من قراءتها، ويتعرف على قصص لم يسمع بها من قبل.
يقول ابن سعيد في مخطوطه المكتوب بعربية واضحة: “قبل مجيئي إلى البلد المسيحي، كان ديني هو دين محمد”، ويكمل قائلا: “ثم جاء إلى مكاننا جيش كبير قتل العديد من الرجال وأخذني وجلبني إلى البحر العظيم”.
باعوني
ويكمل ابن سعيد في مخطوطه قائلا: “لقد باعوني لأيدي المسيحيين الذين ربطوني وأرسلوني على متن سفينة كبيرة، وأبحرنا في البحر العظيم مدة شهر ونصف، حتى وصلنا إلى مكان يدعى تشارلستون”.
وتعلق ماري جين ديب الباحثة في قسم الدراسات الأفريقية والشرق أوسطية في مكتبة الكونغرس التي توجد فيها حاليا مخطوطة ابن سعيد، قائلة إنه كان ثريا ومتعلما تعليما عاليا، لأنه يتحدث في سيرته الذاتية عن قضاء 25 سنة في الدراسة.
وتضيف أنه رجل قُبض عليه في سن السابعة والثلاثين، وتم “شحنه” إلى كارولينا الجنوبية، إلى بلد لا يعرفه، وأصبح بين أشخاص لا يعرف لغتهم.
وكتب ابن سعيد أنه بيع إلى “رجل صغير ضعيف شرير”، وبعد سنوات من سوء المعاملة، هرب، ولكن ألقي القبض عليه في كارولينا الشمالية.
لكن فصول الحكاية لا تنتهي هنا، فقد حُبس في زنزانة وهناك بدأ الكتابة على الجدران بالعربية أيضا، وجذب ذلك انتباه أشخاص مهمين للغاية، منهم شقيق حاكم ولاية كارولينا الشمالية الذي اشتراه وأطلق سراحه.
ومع مرور الوقت، تحول ابن سعيد إلى المسيحية بحسب بعض الباحثين، وفي الستينيات من عمره كتب سيرته الذاتية لكن باللغة العربية فقط.
ويقول علاء الريس إن نصوص سعيد مكتوبة باللغة العربية، أي بلغة لم يتمكن أسياده من قراءتها على الإطلاق، ولم يحاولوا التأثير عليه أثناء كتابتها، ولهذا جاءت كلماته دقيقة غير منقحة من قبل السادة مثل روايات العبيد الأخرى.
ويضيف أنه تم محو روايات لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك حقيقة أن ما يصل إلى 20% من الأفارقة المستعبَدين في أميركا كانوا مسلمين. وفي الواقع، اختار ابن سعيد أن يفتتح سيرته الذاتية بسورة الملك في إشارة إلى ما يعني أنه ليس لأحد الحق في امتلاكه (ابن سعيد) في هذه الأراضي البعيدة.
ولكن قبل أن تتم مشاركة تلك الصفحات التي كتبها عمر بن سعيد مع بقية العالم، عمل أوصياء المكتبة في مكتبة الكونغرس عدة أشهر وراء الكواليس لإعادة تلك الصفحات إلى الحياة وترميمها.
وقالت سيلفيا ألبرو التي قادت جهود إنقاذ المخطوطة ذات المئتي عام تقريبا، إن المواد نفسها تخبرنا أكثر عن حياة عمر بن سعيد.
وتضيف “إنه لأمر مدهش حقا أن تكون جودة ورق المخطوطة جيدة جدا، وتشير حقيقة إلى أنه كان تحت تصرفه مواد جيدة النوعية مما يدل على الاحترام الذي كان يتمتع به كشخصية مرموقة، حتى عندما كان عبدا”.
وأدت هذه المكانة إلى لفت الانتباه لقصته التي صارت معروفة لدى الناشطين واللغويين البارزين في ذلك الوقت، الذين ترجموا قصته واستخدموها في معركتهم ضد العبودية، وأصبحت المخطوطة بأكملها متاحة الآن على الإنترنت.
هل اعتنق عمر المسيحية حقا؟
على الرغم من الروايات التاريخية التي تفيد بأن عمر اعتنق المسيحية في 3 ديسمبر/كانون الأول 1820، فإن العديد من الباحثين المعاصرين يعتقدون أنه ظل مسلما ممارسا، استنادا إلى تعلقه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي عبر عنه في كتابه.
وكتب على بطاقة مؤرخة تعود لعام 1857 سورة النصر التي تشير إلى تحول غير المسلمين إلى الإسلام “ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا”، بينما يحتوي الجزء الخلفي من هذه البطاقة على خط يد شخص آخر باللغة الإنجليزية يخطئ في تعريف السورة بأنها صلاة الرب ويشهد على وضع عمر كمسيحي جيد.
وفي السيرة الذاتية لعمر بن سعيد، توجد مدائح نبوية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بالإضافة لأوصاف المسيح باسم “سيدنا” التي يستخدمها المسلمون تقديرا واحتراما للأنبياء، ولكنها لا تفيد بتأليه المسيح ولا يمكن أن تفيد معنى “الرب” في هذا السياق، وحتى وصف المسيح كجالب للنعمة والحقيقة في إشارة إلى إنجيل يوحنا 1: 14 لا تعد مخالفة لمفهوم المسيح في الإسلام.
وبالنظر إلى ظروف عمر واسترقاقه وحياته عبدا “بين المسيحيين” وما يشمله ذلك من إمكانية الضغط عليه ومقايضته من أجل حريته التي جاءت فقط مع تحوله إلى المسيحية، يمكن القول إن تحوله قد جاء تحت الإكراه، لكنه ظل مسلما كما توحي مذكراته.